التاريخ الميلادي

السبت، 13 يونيو 2020

"أوغاد"، "أشرار"، "موضة قديمة".. شتائم يصوبها أصحاب خطة "تفكيك أمريكا" للوطنيين

بعد أن استوطن البريطانيون ثم أبناء أوروبا الغربية "الأنجلو ساكسون" أمريكا في القرنين 17 و 18، وأعطوها هويتها ودولتها، لم يفتحوا باب الهجرة أمام بقية الأجناس مثل الآسيويين واللاتين والشرق الأوسط إلا في القرن 20، وبسبب هذه الهجرات وما حملته من لغات وديانات مختلفة خُلقت أزمة هوية لم تكن معروفة في أمريكا، وبدأ الإحساس بالخوف من المستقبل[1].

تفكيك أمريكا
من غلاف كتاب بنفس العنوان لأستاذ الاقتصادي الأمريكي توماس سويل

ولم تكن الهجرة لها مفتوحة طوال الوقت، فأحيانا تتدخل السلطات لمنع دخول أجناس معينة، مثلما منعت المهاجرين الأيرلنديين في 1849 ومنعت الصينيين والآسيويين عموما، وباتت تسمح أو تمنع حسب الحاجة،  فالولايات المتحدة وكندا وأستراليا حرصوا على أن تكون الهجرة مفتوحة أكثر للأوروبيين، ويغلب الطابع الأوروبي على بقية الثقافات، وفي الداخل يكون للعنصر الأبيض الغلبة في السلطة والثروة[2]، فهي كانت هجرة "انتقائية" وليست عشوائية.

 إلا ان فرص الاستيطان والتجنيس التي وفرتها أمريكا أغرت بقية الجناس للهجرة إليها، حتى من غير المحتاجين للهجرة، والمغامرة بالدخول بطرق غير شرعية إذا ما تعثر حصولهم على دخول مشروع، ففوجئت أمريكا بتكدس المهاجرين في مدنها وشوارعها، ينشرون فيها الجريمة والاحتجاجات، وفي نفس الوقت يشكون التمييز العنصري ويطلبون المساواة.

  وفي 1920 أصدر الكونجرس سلسلة قوانين لتقييد الهجرة لأمريكا باستثناء شعوب شمال وغرب أوروبا وذلك بعد احتجاجات على أن القادمين من جنوب شرق أووربا غير قابلين للاندماج، ويشكلون تهديدا للنظام العام والقيم الأمريكية، وانطلقت حملات "الأمركة" لتعليم المهاجرين الإنجليزية ليصبحوا مواطنين موالين لأمريكا.

 وفي فترة الكساد الكبير بداية من 1929 رحَّلت السلطات نصف مليون من المهاجرين المكسيكيين بعد زيادة البطالة في صفوف الأمريكيين[3].

الهجرة لأمريكا في مرحلة الانصهار
الهجرة لأمريكا في مرحلة الانصهار

 إلا أنه في 1965 صدرت تغييرات في قوانين الهجرة والجنسية تزيل التمييز القائم على الأعراق، وسمحت بدخول الآسيويين[4]، بعد رواج نظريات "هوارس كالن" و"راندلف براون" و "رآوبين جورديس" عن "التعددية الثقافية"، و"ديمقراطية الجنسيات" و"الجنسية الدولية" لأمريكا- التي لا ترتبط بانتماء وطني وحيد.

  وبدأ التسويق لأمريكا كقدوة ونموذج لبقية دول العالم لتكون مفتوحة هكذا على الهجرات والتجنيس والقبول بتعدد الانتماءات والولاءات والأعراق.

  ولذا، فإنه في الستينات بدأ الهويات القومية الفرعية والمزدوجة في البروز والتنافس مع بعضها والنيل من تفوق الهوية القومية.

  ورغم هذه الهجرات فإن الأمريكيين- كأستاذ العلوم السياسية والكاتب الشهير صموئيل هنتنجتون وآخرون قبله- صنفوا الهوية الأمريكية بوضوح بأن لغتها هي الإنجليزية ودينها هو المسيحية البروتستانتية، وثقافتها هي القيم الإنجليزية الخاصة بحكم القانون ومسئولية الحكام وحقوق الأفراد، ولا يجرح هذا أو يجزأه أي ديانات أو أعراق أو مذاهب قدمت لأمريكا[5].

 إلا أن هذه الهجرات شجَّعت البعض من الصفوة المثقفة في أمريكا على تبني "المواطنة العالمية"، وهو ما سماه هنتنجتون في كتابه "من نحن؟" بمرحلة "تفكيك أمريكا"، واعتبر أن هذا "تحديا" لصعود القومية الأمريكية الواحدة[6].

(قارن بما حصل بعد وصول القومية المصرية للذروة في 1919 لتظهر بعدها حملات التعددية والأحزاب والتيارات الداعية لهويات وتيارات أجنبية شيوعية وعربية وليبرالية ودينية).

"حركة التفكيك الثقافي".. السبعينات

 ولم يمضِ هذا في أمريكا عشوائيا، بل تبنته "الصفوة" التي خططت لتحويل أمريكا إلى دولة غير وطنية، ودولة قائمة على تعدد الولاءات والانتماءات والهويات تحت اسم "الديمقراطية" و"التعددية" و"مكافحة العنصرية"، وهذه "الصفوة"، أو"النخبة" تتكون من نواب في الكونجرس، سياسيين، قضاة، أكاديميين في الجامعات، إعلاميين وفنانيين ونجوم رياضة مشهورين، رجال أعمال وأصحاب ما يسمى بالشركات متعددة- أو متعدية- الجنسيات، ما يسمى بالمنظمات الحقوقية، ورجال دين- خصوصا من مذاهب وأديان منافسة للمسيحية بروتستانتية التي هي الهوية الدينية لأمريكا.

  فاتبعت جامعات أمريكية بداية من السبعينات نهج "حركة التفكيك الثقافي"، وهي حركة تحمل هذا الاسم الصريح أسسها الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، وتقوم على التشكيك في كل ما يقال عن الهوية والحق واليقين، وترى أن الثقافة واللغة تعيق الوصول إلى الحقيقة والمنطق.

 وللوصول إلى الحقيقة في رأيهم اتبعوا هذه الخطوات التي نشرها هنتننجتون في كتابه "من نحن؟" فيما يخص اللغة ودراسة التاريخ والامتيازات المقدمة للمهاجرين الجدد:

1- شجعوا السكان على إظهار التكوينات العنصرية والثقافية القادمين بها من بلاد أخرى، ونبذة الوحدة الثقافية الأمريكية.

2- بل ومنحوا القادمين الجدد مزايا قانونية لم تُمنح للأمريكيين الذين ولدوا في أمريكا (كالمزايا التي تقدمها منظمات للاجئين والمهاجرين في مصر للحفاظ على هويتهم من مأكل وتعليم وغيره ونشأة مدارس مثلا للأفارقة تعتمد تقسيمهم القبلي، وكذلك بالنسبة للسوريين وتقسيمهم المذهبي أو السياسي ولو عرفيا)، وسخروا من فكرة الأمركة.

3- دعوا لإعادة كتاب مناهج التاريخ في المدرس بحيث لا تتضمن كلمة "الشعب الواحد"، بل "شعوب" الولايات المتحدة.

 4- حرضوا على أن يقتلعوا أو يستبدلوا التاريخ القومي بتاريخ الجماعات القومية الفرعية.

5- قللوا من أهمية مركزية اللغة الإنجليزية في الحياة الأمريكية، وحثوا على التعليم القائم على لغتين والتنوع اللغوي.

6- دعوا إلى ما وصف بالاعتراف القانوني بحقوق الجماعات والتفضيلات العنصرية بحيث تعلو على الحقوق الفردية التي تعتبر محور العقيدة الأمريكية.

  ولنشر هذه الأفكار في المجتمع، نشروها أولا بين الزعماء الملهمين، والنخب السياسية والثقافية، والمسئولين في الحكومة، والقضاة، ورجال التعليم، وانضم لهم أكاديميون وإعلاميون ورجال أعمال، ضاغطين عليهم بـ"عقدة الذنب" إزاء "الاضطهاد العنصري" الذي تتعرض له "الأقليات والنساء" بحسب وصفهم.

  وبرروا هذه المطالب بنظريات التعددية الثقافية، وأن التنوع وليس الوحدة يجب أن يكون القيمة الغالبة في أمريكا، وأدت هذه الجهود إلى تفكيك الهوية الأمريكية التي تكونت تدريجيا خلال 3 قرون، وظهرت الهويات القومية الفرعية[7].

راجع المقال التالي عن الأسباب الحقيقية وراء نشر هوارس كالن لنظرية التعددية الثقافية وخطرها:

- شهادات أمريكية: كيف إنجرَّت أمريكا إلى فخ "التعددية الثقافية" و"خدعة اللاجئين"

 وشبَّه هنتنجتون هذا الأسلوب بما تفعله الدول الإمبريالية الاحتلالية حين تتدخل بين سكان البلد الذي تحتله، وتدعم "جماعات الأقلية" بالموارد، وتشجعها على إظهار ثقافة خاصة بها، من باب "فرق تسد".

 وبكل اندهاش، اعتبر أن موافقة زعماء أمريكيين على دعم الثقافات الفرعية الوافدة وإضعاف الثقافة القومية السائدة "لم يكن لها سابقة في تاريخ الإنسانية على الأرجح"[8].

 فدور حكومة الأمة هو تشجيع من يدعمون الثقافة الموحدة للأمة.

من نحن أزمة الهوية في أمريكا
أدى تشجيع المهاجرين إظهار وممارسة ثقافتهم الدخيلة لصراع الهوية

(قارن في مصر مطالب منظمات موصوفة بالحقوقية ونواب وأكاديميين بتدريس ما يسمى بالتاريخ البدوي، التاريخ النوبي، ومناهج لتعليم التعددية وقبول الاختلاف بالتوازي مع وصول موجات ضخمة من الأجانب متعددين الأعراق والطوايف في مصر بعد 2011، وتشجيع من يحملون الجنسية المصرية ولهم جد قديم أتى من بلد آخر أن يفتخروا بالنسب الأجنبي، كأن يفتخر بأن له أصل تركي/يوناني/أرمني/شامي/مغربي/حجازي إلخ، إضافة للانتشار المكثف للمدارس والجامعات الأجنبية إنجليزية وفرنسية وأمريكية وألمانية ويابانية وكورية وصينية وتركية إلخ القائمة على تعدد اللغات والأعلام والرايات والهويات)

التفكيك بالتعدد اللغوي والثقافي

  وبالنسبة للغة الإنجليزية، فإنها كانت تنتصر في الولايات المتحدة على ما عداها من لغات الهاجرين دائما، وإذ فجأة تفجرت مناقشات حول "حق" الأقليات في التحدث بلغتهم، وخصوصا الإسبانية لكثرة عدد المستوطنين من أمريكا اللاتينية، وقدم عضو مجلس الشيوخ، رالف ياربورو، قانون التعليم ثنائي اللغة لتوفير المساعدة لأبناء الأمريكيين من أصل مكسيكي من الفقراء لضعف معرفتهم باللغة الإنجليزية باعتماد مالي أولي 5,7 مليون دولار[9] (مع أن نفس المبالغ كان يمكن توجيهها لدعمهم لتعلم الإنجليزية.

 ولعبت منظمات الإسبان اللاتين المستوطنين دورا رئيسيا في إقناع الكونجرس بالسماح ببرامج لتحويل نظام التعليم من اللغة الإنجليزية إلى نظام ثنائي اللغة بحجة مراعاة المهاجرين الأسبان[10]، دون مراعاة الهوية الوطنية الجامعة.

 ولفت هنتنجتون إلى أساليب العولميين في تأهيل الأمريكيين ليكونوا شعبا مزدوج الهوية (أمريكية- أسبانية)، مع تزايد هجرة المتحدثين بالأسبانية من أمريكا اللاتينية، وأن مثقفين ورجال أعمال كبار يشجعون هذا بنشر رموز ثقافة المهاجرين، ويقدمون الحوافز الاقتصادية لرجال الأعمال ليقدموا ما يتمشى مع أذواق اللاتين الإسبان، واستخدام الإسبانية في أعمالهم والدعاية[11].

 وفي حركة غاضبة ومضادة تقدم عضو مجلس الشيوخ س. أو هياكاوا في 1981 باقتراح تعديل دستوري يعلن أن الإنجليزية هي اللغة الرسمية للولايات المتحدة، وانضم له آخرون لتكوين منظمة باسم اللغة الإنجليزية الأمريكية لمساندة هذا الهدف، ونجحوا في كسب تأييد 7 ولايات، وحاربهم الأسبان اللاتين وغيرهم من جماعات أتت بلغات مختلفة عن الإنجليزية ومنظمات حقوقية، ووصفوا الرافضين للتعددية اللغوية بأنهم "نازيين"[12].

 (راجع في مصر تشجيع قنوات الإعلام في مصر الاستعانة لطباخين ورجال دين ومذيعين من جنسيات أجنبية، مثل السوريين واليمنيين والسودانيين واللبنانيين، في برامج الطهي والبرامج الدينية والاجتماعية والرياضية رغم عدم عدم حاجة مصر لعمالة وكفاءات أجنبية، وظاهرة أن يتكلم الإعلاميين المصريين بلهجة أو لكنة عربية وليس مصرية، ونشاط الإعلام في تقديم برامج عن الأكلات والعادات والتقاليد الخاصة بجاليات جاءت لمصر بعد 2011 وتسعى للاستيطان الدائم، فيما لا يوجد رجل أعمال أو وسيلة إعلامية واحدة تتبني الهوية المصرية التاريخية الواحدة (الكيمتية/الفلاحية).

التفكيك بمناهج التاريخ

 وبالنسبة للتاريخ، فإن دراسات جرت على مناهج المدارس في الولايات المتحدة نهاية القرن 20 أظهرت أن تراجع عدد النصوص الوطنية، أو التي تتناول أحداث التاريخ التي تجسد التلاحم الوطني في الحروب وقصص الأبطال والرموز والأغاني الوطنية، فيما كان التركيز واضحا على الجماعات العرقية كالسود والآسيويين والهنود الحمر والإسبان اللاتين وثقافتهم وتاريخهم الخاص.

 وفي الجامعات جرى إلغاء دورة مطلوبة عن الحضارة الأوروبية في جامعة ستانفورد وغيرها بدورات تركز على الأقليات وشعوب العالم الثالث والنساء.

 ولخص "ناثان جليزر" الموقف في 1997 بقوله إن انتصار التعددية الثقافية في المدارس العامة في أمريكا كان "انتصارا كاملا"[13].

(راجع في مصر: الاهتمام بعمل مسلسلات وأفلام عن قصد أو بدون قصد لتمجيد عصور الاحتلال الأجنبي، مثل عصور الاحتلال المملوكي والعثمانلي والعلوي والإنجليزي والعبيدي (الفاطمي) والعربي واليوناني إلخ، وتقديم حكامه الأجانب على انهم القدوة والرموز بالنسبة للمصريين، وتطنيش عرض جرائمهم ضد المصريين الحقيقيين "الفلاحين" والثورات التي قاموا بها ضد هذه الاحتلالات)

أزمة الهوية في أمريكا
أمثلة لكتب ظهرت في السنين الأخيرة تحلل أسباب صراع الهوية وتتنبأ بتفكك أمريكا

التفكيك بالضغط على عقدة الذنب

 وبأسلوب اللعب على "عقدة الذنب"، فإن بعض مشجعي هذا الاتجاه برروا الابتعاد عن الثقافة الأمريكية الأنجلوساكسونية بأن تاريخ أمريكا وأوروبا "ملئ بالخطايا"؛ ولذا يعلمون الأمريكيين "موضوعات تكفر عن الذنوب من الثقافات غير الأوروبية"[14]،أي بتشجيع الثقافات الأجنبية وكأنه تعويض لأصحابها.

(راجع في مصر: الضغط على عقدة الذنب بالكلام عن "اضطهاد" ما يسمى بالمهمشين والنوبيين والأقباط وسكان الحدود والمرأة، وإهمال مصر لأفريقيا، وإهمال مصر للعرب، ودور مصر الإنساني في العالم، ووصل لدرجة الكلام عن "ظلم" حكومة ثورة 1952 للجاليات الأجنبية لتبرير عودة هذه الجاليات لاحتلال مصر بالاستيطان وأخذ تعويضات، دون الإشارة للجرائم التي ارتكبتها هذه الجاليات لتشارك الاحتلال الإنجليزي-العلوي في نهب اقتصاد وأراضي مصر ومحاربة هويتها التاريخية)

دعم المهاجرين الجدد بالامتيازات

 وأدى كثرة المنظمات الحقوقية ورجال الأعمال والأكاديمين والإعلاميين والمشاهير التي تساند المهاجرين الجدد، أو أصحاب الهويات الوافدة بكل وسيلة، إلى دهشة الأمريكيين القدامى حتى قال هنتنجتون "وأدى فعل ذلك إلى منح امتيازات للوافدين الجدد لا يتمتع بها الأمريكيون المستوطنون"[15].

إرهاب وشيطنة القومية والوطنية

  الشيتمة بكلمة "نازيين" بداية سلسلة شتائم واتهامات ستوجه للمدافعين عن الوطنية والهوية الواحدة والدولة الواحدة في أمريكا، فيما يُعتبر عملية إرهاب بقنابل وقذائف مكتومة الصوت لإخراسهم وإبعاد الناس عنهم.

 فمثلا ألقى المنظر السياسي البارز "مايكل ولزر" على رءوس دعاة "الوحدة القومية الأمريكية" اتهامات بأن دعوتهم تحمل "العنصرية"، و"التمييز ضد المرأة" (!)، و"السيطرة الطبقية"، و"عدم التسامح الديني"، وسانده عالم الاجتماع "دينيس رونج" في 1989 بالقول إن "الأمركة" في السابق تعبر عن "الماضي السيء القديم".

 ووصف آخرون من يتمسك بالوطنية بأنهم "مقززين"، "رجعيين"، "أوغاد"، كما سنرى.

 أما النخبة المؤيدة لأنشطة الشركات متعدية الجنسيات وترى الوطنية عقبة أمامها في أي دولة، فتصف الوطنية بأنها "قوى شريرة"، حتى أن أحد مسئولي وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه" خشي من تلك الشركات قائلا إن الوكالة لا يمكن لها الآن أن تعتمد على تعاون الشركات الأمريكية كما كانت تفعل في الماضي؛ لأن هذه الشركات ترى أنها متعددة الجنسيات، وقد تعتقد أنه ليس من صالحها أن تساعد الحكومة الأمريكية[16].

 ويميل هؤلاء لتشغيل متعددي الجنسيات، وأتباع فكر العولمة، وإعطاءهم مراكز السيطرة في شركاتهم، ليضمنوا أنهم منزوعي الولاء لدولة بعينها، ويسهل تحريكهم لصالح الشركة أو المنظمة العالمية فقط.

 وأحس الباحثان "جيمس ديفيدسون هنتر" و"جوشوا ييتس" بأمر مقلق في مقابلاتهما مع مديرين تنفيذيين لشركات متعدية الجنسيات، ووصلا لنتيجة أنه "من المؤكد أن هؤلاء الصفوة هم عالميون، فهم يتنقلون بين أرجاء العالم ومجال مسئوليتهم هو العالم بأسره، وهم يعتبرون أنفسهم "مواطنين عالميين" تصادف أنهم يحملون جواز سفر أمريكيا.

 وأضافا أن مديري هذه الشركات يعملون في منظمة عالمية، ومحنكون ومهذبون، يعيشون جوا اجتماعيا وثقافيا خاصا بهم بعيدا عن ثقافات أمم بعينها، ويتواصلون مع بعضهم البعض بلغة إنجليزية تتسم بعلم اجماعي، وهي اللغة نفسها التي وصفها "هنتر" و"ييتس" بأنها "لغة متعولمة".

  بل ويعتبرون أن ديارهم (أوطانهم) هي السوق العالمية، وليست المجتمع القومي، وكما أن السوق العالمية تحل محل المجتمع القومي، فإن المواطن القومي يترك مكانه للمستهلك العالمي.

هؤلاء شكلوا "طبقة عالمية متميزة"، ويطلق عليهم "رجال دافوس"، و"ذوي الياقات الذهبية"، و"الفنيون الكونيون"، تضم ليس فقط رجال أعمال، بل وأكاديميين وموظفين دوليين وغيرهم، وأعدادهم تفوق 20 مليونا في العالم، ينظرون للحدود القومية باعتبارها عوائق في طريقها إلى الزوال، والحكومات الوطنية بقايا من الماضي[17]؛ ولذا يتفنون في اختراع تهم أو شتائم لكل من يقف في وجه أطماعهم هذه.

الشركات متعددة الجنسيات تحارب الحدود والوطنية
أمثلة للشركات متعددة أو متعدية الجنسيات تغطي القارات وتحارب الوطنية التي تحد من انتشارها

المواطن العالمي

  ونتج عما سبق أن تحولت الديمقراطية في أمريكا- رغم الانتخابات التي تبدو ظاهريا نزيهة- إلى "ديمقراطية غير تمثيلية"، ويقصد هنتنجتون بهذا أن النخبة في بلاده لم تعد تمثل الشعب تمثيلا صحيحا، وحدث بينهما انفصال، خاصة في قضية الهوية القومية.

  بل إن زعماء هذه النخبة تصر على إصدار قوانين، وتنفيذ سياسات تتعارض مع وجهة نظر الشعب الأمريكي؛ ما أدى لتزايد تباعده عن السياسة، بل إنه في استطلاعات الرأي التي يجريها مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية منذ 1974 تبين أن معظم الشعب يفضل تعريف نفسه بالمعتدل والمحافظ وليس ليبراليا، في حين أن النخبة (كالموظفين الكبار ورجال الدين والفنانين وجماعات المصالح العامة ونواب وأكاديميين) تميل لتعريف نفسها بالليبرالية، وبعضها يعتبر الشخص الوطني "رجعي" ]أي "متخلف[.

  ومعظم الشعب لا يحبذ التدخل الأمريكي في شئون العالم مقابل تأييد معظم النخبة، ومعظم الشعب يريد حماية المنتج الوطني فيما تفضل معظم النخبة التجارة الحرة المفتوحة، ومعظم الشعب رغم أن كثير منه مهاجرين لكن يرفضون التوسع في استقبال الهجرة؛ لأن البلد لم تعد تتحمل، في حين معظم النخبة الليبرالية تؤيد زيادة الهجرة بحجة دعم الإنسانية وتقليل الفجوة من عدم المساواة بين الدول الغنية والفقيرة[18].

 وما سبق في خلخلة الهوية الواحدة للدولة، وتعويد البصر والأذن على رؤية ثقافات متعارضة في بلده ودخيلة دون أن تتحرك الدماء في عروقه، هو التمهيد لما يسمى بـ"المواطن العالمي"، والذي هو الطوبة اللازمة لحلم الأمم المتحدة والتنظيمات العالمية الواقفة وراءها، وهو "الحكومة العالمية لعالم واحد وشعب واحد".

 ولم يكن هذا كله إلا إعادة إحياء وتطبيق لقول آدم سميث سنة 1776 وهو يؤسس لنظام "الاقتصاد الحر"، و"التجارة الحرة"، و"الرأسمالية العالمية"، و"الخصخصة" إنه في الوقت الذي يعتبر فيه "مالك الأرض بالضرورة مواطنا للدولة التي يقع فيها ملكه... فإن حامل الأسهم هو حقا مواطن عالمي، وليس بالضرورة مرتبطا بدولة بعينها".

وربما من هنا جاءت أنه من حق أي أجنبي الاستيطان في أي بلد، أو التملك، أو التجنس، مدام يدفع أموالا أو الضرائب، بدون أي اعتبار لحقوق أهل البلد أو المخاطر التي ستنتج عن استيطانه، أي كأن الوطن في حد ذاته صار سلعة في السوق العالمي.

ولأنهم يركزون على ضم الأكاديميين وموظفين كبار ونجوم المجتمع في كل مجال إليهم، وإغرائهم بوظائف ومناصب وجوائز تحت شعار "المواطن العالمي"، فلذلك نشأت "أزمة النخبة" والفجوة الكبيرة بين النخبة وبقية الشعب في معظم الدول، لخصها عالم الاجتماع مانيول كاستيلز بقوله: "النخب هم أشخاص عالميون، أما الناس فهم محليون"[19].

 ولوحظ أنه كلما زاد دخل الناس وارتقى تعليمهم، كلما كان ولاءهم القومي مهددا، فهم مشغولون أكثر بالبحث عن فرص للسفر إلى الخارج، والدخول إلى دنيا "العالميين"، باعتبارها وسيلة للترقي، في رأى روبرت رايك- وزير عمل سابق في الإدارة الأمريكية- أن هؤلاء "ينفصلون عن باقي الأمة"، ويرتبطون مع أشباههم بـ"شبكات عنكبوتية"[20].

المواطن العالمي لا يعترف بالأوطان والحدود
المواطن العالمي لا يعترف بوطن واحد أو الحدود (الصورة من موقع www.globalcitizen.org/)

تحويل الأمة إلى شركة أو مجمع للبشر المتصارعين

 ويبرر بعض "المثقفين" ما سبق بأنه في الليبرالية "أية أمة يمكن أن تقوم فقط على عقد سياسي بين أفراد ليس بينهم أية مقومات مشتركة.. هذا مفهوم الأمة المدني القائم على التنوير"[21].

 وهو تفكير مادي قائم على المصلحة الشخصية البحتة، وكأن ما بين الشخص والدولة مجرد "عقد عمل"، مثله مثل أي أجنبي يأتي ليعمل فيها لمصلحة مادية بحتة، لتتحول العلاقة بين المواطن وبلده إلى علاقة تجارية، أو في مرحلة لاحقة علاقة "مرتزقة".

 وللوصول لهذه الحالة يجب أولا إزالة أي رموز هوية وخلع الإحساس بهوية واحدة وقيم روحية واحدة للبلد، ويتوه المواطن بين عدة رايات ولغات وأجناس وثقافات وأولويات.

 وفي تسعينات القرن 20 ألقت "مايا أنجلو" قصيدة في حفل تنصيب الرئيس بيل كلينتون تتكلم عن وجود 27 جماعة عنصرية ودينية وقبلية وإثنية آسيوية ويهودية ومسلمة ولاتينية وإسكيمو وعربية إلخ، مستنكرة ما تعانية هذه الجماعات من قمع غير أخلاقي نتيجة "للصراعات المسلحة من أجل الربح" في أمريكا، أي أن الوعي تغير من الوعي بقومية أمريكية واحدة مجيدة إلى بلد مكون من شظايا وجزئيات متصارعة كل منها تشكو الاضطهاد من الأخرى[22].

  وهاجم صمويل هنتنجتون من سماهم ب،"دعاة التعددية الثقافية الأمريكيين" الذين رفضوا تراث بلدهم الثقافي بدلا من محاولة توحيد الولايات المتحدة، ويرغبون في خلق بلد ذي حضارات متعددة"، محذرا من أنه "ويرينا التاريخ أن دولة بهذا الشكل لا يمكن أن تستمر طويلا كمجتمع متماسك، فولايات متحدة متعددة الحضارات لن تكون الولايات المتحدة، بل ستكون الأمم المتحدة"[23].

(راجع في مصر: أنه بعد أن كان الحديث عن أن مصر بلد الفلاحين، وجيشها هو جيش الفلاحين، لا أعراق ولا أجناس ولا طوايف، وهوية مصرية واحدة من البحر إلى الشلال، صار الكلام عن أن مصر عبارة عن فلاحين وبدو ونوبيين وأمازيغ وأقليات مسيحية ونساء مضطهدين وأن الجاليات السورية والأرمينية إلخ جزء من مصر، بل أحيانا لا يُذكر أنها بلد فلاحين، وفلاحين تعني أصحاب الانتماء الواحد، وهو لمصر فقط، لا لعرق له جذور في بلاد أجنبية، ولا لبلد أجنبي، ولا لمذهب ديني له مرجعية أجنبية، ولا ثقافة بخلاف ثقافة القرية المصرية القادمة من الحضارة المصرية التاريخية)

المواطن العالمي يحمل في يده العالم ولا يحمل في قلبه وطن
صورة رمزية منتشرة في مواقع ومدونات تسوق لفكرة "المواطن العالمي" الذي لا ينتمي لوطن بعينه

المقاومة ضد المواطن العالمي

  ومقابل هذه السموم تبرأ أكاديميون آخرون منها، فواجههم مثلا الفيلسوف الليبرالي البروفسور ريتشارد رورتي بقوله: "إن معظم الأمريكيين يشعرون بالفخر ببلادهم، ولكن "كثيرا من الذين يستثنون من هذه القاعدة ينتشرون في الكليات والمجتمعات، وفي الأقسام الأكاديمية التي أصبحت مأوى للآراء السياسة اليسارية"، واصفا اتجاههم بأنه "غير وطني".

  وظهرت حركات مقاومة مثل "الرابطة القومية للباحثين" لمحاربة التقليل من شأن التاريخ الأمريكي والغربي، استجاب لها زعماء سياسيون، فوافق الكونجرس في سنة 2000 بالإجماع على قرار يحث السلطات التعليمية على اتخاذ إجراءات لتصحيح الأمية التاريخية الأمريكية، وفي 2001 خصص مبلغ في ميزانية وزارة التعليم لتحسين تدريس التاريخ الأمريكي[24].

واعتبر هنتنجتون أن الحل لضمان عدم تشقق وانقسام وانهيار أمريكا بسبب هذه الهجرات الملونة هو الإصرار على اعتماد الثقافة الأمريكية الأولى (الأنجلوساكسونية- البروتستانتية) كأساس لسياسة واقتصاد ولغة ودين وكل حياة أمريكا، فبغير هذه الثقافة لن تكون أمريكا هي أمريكا "أمة فريدة بين الأمم"، وبدون سيادة هذه الثقافة ستنحسر مياه الدولة الواحدة لتكشف عن جزر منعزلة[25].

"خيانة المثقفين"

 واستحسن هنتنجتون لوصف حال كثير من "النخبة" في بلدها وانفصالها عن القاعدة الشعبية بـ"عنوان مؤلم" اختاره الروائي الفرنسي "جوليان بندا" باعنوان لكتابه "خيانة المثقفين"، ينفقد فيه مثقفين بلاده لبعدهم عن المشاعر القومية، وربطهم لـ"التفوق المعنوي" بالانتماء للإنسانية العامة أكثر من أبناء الوطن.

 فمن هؤلاء في أمريكا مثلا البروفسورة "مارثا نوسبوم" من جامعة شيكاغو التي هاجمت الافتخار الوطني ووصفته بأنه "خطر معنوي"، وأنه يجب أن يواجه الناس ولائهم "لكل البشر"، والبروفسورة "آمي جاتمان" من برنستون أنه "من المقزز" أن يتعلم الطلبة أنهم مواطنون لمجتمع سياسي سيادي، وإنما ينبغي أن يكون ولاؤهم لـ"الإنسانية الديمقراطية"، ووصف البروفيسو جورج ليبزتز من جامعة كاليفورنيا الوطنيين بأنهم "أوغاد".

 وهاجمت البروفسورة "سيسلينا أوليري" من الجامعة الأمريكية من يمجدون البسالة العسكرية في حماية الوطن[26].

 أي صار مرفوض بالنسبة لهذه "النخبة" حتى تمجيد الجيش لدوره في حماية الوطن.

  وعلى هذا.. فليس بالضرورة أن يوصف أكاديمي أو نائب أو رجل أعمال من هؤلاء بأنه ينتمي لتنظيم أو تيار بعينه ضد الوطنية، مثل اليسارية أو الشيوعية أوتنظيم الإخوان المسلمين أو كنائس بعينها تشجع التعددية العرقية إلخ، ليُعرف خطره، ويدمر أي وطن، كفي أن يفتخر بأنه "مواطن عالمي"، ليجمع صفات كل هؤلاء في صدره ولسانه ومهمته في الحياة.

خيانة المثقفين
رسمة رمزية تعبر عن "خيانة المثقفين" من موقع https://galeriesb.com/

 وحمل لواء فكر هؤلاء العالمي لفترة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كوفي عنان، حين قال: "إن السيادة القومية ينبغي أن تترك مكانها للسيادة الفردية"، حتى يتيسير للمجتمع الدولي أن يتصرف لمنع انتهاكات الحكومات الصارخة لحقوق مواطنيها، وعلق هنتنجتون على هذا بأن هذا المبدأ يفتح الطريق للأمم المتحدة للتدخل العسكري في الشئون الداخلية للدول.

 وبجانب أكاديمين يتراص محامون دوليون فيطالبون بتدويل القضاء، أي أن تضم المحاكم في الدول قضاة أجانب إلى جانب القضاء من أولاد البلد ]على نمط المحاكم المختلطة في مصر أيام الاحتلال العلوي- الإنجليزي[، معتبرين أنه في أمريكا مثلا فإن القانون الأمريكي لم يصل إلى "الرقي" الذي يتسم به القانون الدولي، ويقصدون بالذات ما يخص محو التمييز على أساس المواطنة واللغة والتوجه الجنسي، وأنه يجب أن تقام محاكم مثل محكمة العدل الدولية بداخل الدولة.

وهذه النوعية من المثقفين والمشاهير والأغنياء بحكم قدرتهم على الاتصال بالخارج والمنظمات الدولية والمنتديات إلخ هم من يُختار منهم الوزراء، والمحافظين، ورؤساء الهيئات، ونواب البرلمان، وواضعي الدستور والقوانين، وشروط الانتخابات، وقيادة الرأي العام، ومنهم من يُخصص لهم البرامج في التلفزيون والأعمدة الطويلة في الصحف، والمعلقون في الفضائيات على قرارات الروءساء، أي أنهم في الحقيقة هم الحكام الحقيقون لأي بلد، وبحسب انتماء هؤلاء أي دولة في هذه الأيام... يكون انتماء حكمها.

 ولأن الشر من هذا النوع الحاد يُصنع في الخارج ويُباع في مصر، فتلقفه بعض المثقفين ليُسوقوه للمصريين على أنه "التحضر" الوافد، و"الانفتاح على العالم"، وكما يصف بعض المثقفين الأمريكيين مواطنيهم المتمسكين بالهوية الوطنية بأنهم "أوغاد"، و"مقززين" و"أشرار" و"متخلفين" و"عنصريين" فإن أتباعهم في مصر يصفون الوطنيين في مصر بنفس الصفات، ووصلت إلى درجة اتهامهم بأنهم "لا يحبون مصر"؛ لأنهم لو يحبونها لوافقوا على أن تكون مفتوحة لكل الأجناس والطوائف والأفكار لتكون "أم الدنيا".

 ومثلا في حوار مع برنامج "حكايات مصرية"، قناة النيل الثقافية" في 27- 1- 2019 في التلفزيون المصري الرسمي، دعت الصحفية إقبال بركة إلى فتح أبواب مصر أمام "كل الأجناس"، على أساس أن مصر- حسب قولها- "ليس دولة وطنية"، وأنها دولة "كوزموبوليتانية"، أي متعددة الأجناس والهويات، حسب رأيها.

 واستشهدت على هذا بأن عائلتها سورية، قدمت من سوريا إلى مصر قبل ثورة 1952، وعاشت عيشة سعيدة في القاهرة وسط جاليات أجنبية، دون أن تقيم في حديثها أي اعتبار لحقوق المصريين في بلدهم، وحقهم في الحفاظ على هويتها التاريخية الواحدة، ولا كيف كانت حقوقهم مهضومة وسط احتكار الجاليات الأجنبية للاقتصاد والوظائف العليا، بل وتأمن العقاب على جرائمها بموجب قوانين "الامتيازات الأجنبية".

وأطلَّ "ستروب تالبوت" الصحفي في مجلة "التايم" الأمريكية برأسه سنة 1992 ليعلنها صراحة إنه يتطلع لليوم الذي تكون فيه الوطنية "شيئا عتيقا"، وتخضع فيه جميع الدولة لـ"سلطة عالمية واحدة"[27].

 _____________________

مقالات لها صلة:

شهادات أمريكية: كيف إنجرَّت أمريكا إلى فخ "التعددية الثقافية" و"خدعة اللاجئين"

- التمويل الأزرق لتفخيخ البلاد بالهجرات واللاجئين (ج4) الغدر من الداخل، أمريكا ثم مصر؟

من ملفات اتهام الاحتلال للمصريين بالعنصرية.. الرافعي سنة 1949 لهكسوس العصر: أيوة أنا متعصب لمصر

 _____________________

مقالة بقلم: إفتكار السيد (نفرتاري أحمس)

[1]- راجع: من نحن؟، صمويل هنتنجتون، ترجمة. أحمد مختار الجمال، المركز القومي للترجمة، ط 1، القاهرة، 2009، ص 72- 70

[2]- عصر الهجرة، ستيفن كاستلز ومارك ميللر، ترجمة منى الدروبي، المركز القومي للترجمة، ط1، القاهرة، 2013، ص 207، 209، 211

[3]- نفس المرجع، ص 220- 221

[4]- نفس المرجع، ص 248 و304

[5]- "من نحن؟"، هنتنجتون، مرجع سابق، ص 27- 28

[6]- نفس المرجع، ص 190 و193- 194

[7]- نفس المرجع، ص 194- 197

[8]- نفس المرجع، ص 195

[9]- نفس المرجع، 216

[10]- نفس المرجع، ص 415

[11]- نفس المرجع، ص 51- 52

[12]- نفس المرجع، 222- 226

[13]- نفس المرجع، ص 234- 235

[14]- نفس المرجع، ص 235

[15]- نس المرجع، ص 268

[16]- نفس المرجع، ص 265، و347- 348

[17]- نفس المرجع، ص 348- 349

[18]- انظر: نفس المرجع، ص 422- 431

[19]- نفس المرجع، ص 350

[20]- نفس المرجع، ص 350

[21]- نفس المرجع، ص 51-52

[22]- نفس المرجع، ص 36

[23]- نفس المرجع، ص 18

[24]- نفس المرجع، ص 354 و237

[25]- نفس المرجع، ص 100- 102

[26]- نفس المرجع، ص 350- 352

[27]- نفس المرجع، ص 352- 355


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Legacy Version