في المقالة السابقة استعرضنا من كتاب "الاغتيال الكبير.. وثائق اغتيال الدولة الوطنية في وثائق الأمم المتحدة وبناتها"، كيف استخدمت البنوك العالمية (مثل بنوك روتشيلد وأوبنهايم) القروض والمهاجرين أداة لتكتيف الدول، ومنها مصر، وإسقاطها في الإفلاس والحروب والاحتلالات، والآن نستعرض كيف تم إضافة "الاتفاقيات الدولية" أداة جديدة لهذا التكتيف.
إليانور روزفلت زوجة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت تمسك بسخة من إعلان حقوق الإنسان الذي شاركت في صنعه باعتبارها من نشطاء دعم الأقليات (مصدر الصورة: فليكر) |
والاتفاقيات الدولية المستخدمة في هذا الغرض أنواع عديدة (تخص اللاجئين والمهاجرين والبيئة والمناخ والتجارة الحرة والصحة والمرأة والطفل وذوي الإعاقة ومكافحة التمييز العنصري وغيرها)، ولكن كلها تصب في اتجاه واحد، هو مسح خصوصية وسيادة الدولة الوطنية.
والكتاب أخذ أمثلة منها كمجرد إشارات.
ونتناول في هذا المقالة واحدة من أول هذه الاتفاقيات التي صدرت بعد تأسيس الأمم المتحدة 1945، وهو "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر 1948.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الأمم المتحدة 1948)
اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة 10- 12- 1948، كتعبير عن "النظام العالمي الجديد" الذي ولد من رحم الحرب العالمية الثانية.
★ ملاحظات عامة عليه:
❶ من رحم هذا الإعلان، رغم أنه غير ملزم، خرجت كافة الاتفاقيات التي تخلق حقوقا وحماية للأجانب وأًصحاب الثقافات والمذاهب الدخيلة والأخلاق الشاذة، وحتى جماعات العنف والإرهاب.
❷ يمسح الإعلان حقوق الإنسان الحصرية في وطنه، بمعنى يحرمه من حق أن يكون وطنه خاصا به، ومحصنا ضد مطامع الشعوب الأخرى، وله فيه الكلمة العليا، وذلك بأن حرَّم هذا الإعلان ما وصفه بالتمييز بين البشر على أساس العرق، والجنس، والأصل القومي، والدين، واللون، واللغة، والرأي السياسي، ما يعني ألَا تمييز لإنسان في وطنه عن الأجنبي الوافد إليه.
❸ وإن بدا أنها حقوق عامة وكلام نبيل، إلا أن التطبيق فيما بعد أظهر أنها مقصود بها تمييز فئات خاصة كاللاجئين والمهاجرين ولو غير شرعيين، والمتمردين الهاربين من حكوماتهم، والتنظيمات المعارضة للدولة الوطنية، وما يُسمى بالأقليات، وصولا إلى حتى الفجرة أخلاقيا (الشواذ جنسيا)، واستباحة جنسية وأرض وأملاك كل دولة لتكون مشاعا لجميع الشعوب، والسماح بتغيير هوية كل دولة الثقافية والعرقية والدينية تحت اسم حقوق الجميع في نشر هويته الخاصة؛ حيث باتت مواد الإعلان هي السند الذي يتردد صداه في جنبات الاتفاقيات اللاحقة حتى اليوم.
ومن أمثلة هذه المواد[1]:
في المادة (2) يقول:
لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر.
وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته.
وفي المادة (14):
( 1 ) لكلِّ فرد حقُّ التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصًا من الاضطهاد.
وفي المادة (15):
( 1 ) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
وفي المادة (17)
( 1 ) لكلِّ فرد حقٌّ في التملُّك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
وفي المادة (18):
لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
وفي المادة (23):
( 4 ) لكلِّ شخص حقُّ إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
لاحقا تم تفريغ هذا المواد، وتفصيلها تفصيلا، في اتفاقيات تحت اسم حقوق المرأة والطفل والمهاجرين واللاجئين وتنظيم العمل والتجارة والأقليات ومكافحة تغيير المناخ إلخ، تلزم البلاد الموقعة عليها بما وصفته بـ"تمكين المهاجرين واللاجئين" الفارين من "الاضطهاد" أو "تغير المناخ والكوارث الطبيعية"، أو"الباحثين عن فرص معيشة أفضل" وفي بعض الاتفاقيات "توطين" هؤلاء، و"منحهم الجنسية" "دونما تمييز" ضدهم.
وفي المقالات التالية نستعرض أمثلة من هذه الاتفاقيات وانعكاسها على مصر بالذات.
مقالات ذات صلة:
مصر بين مهاجر الملح ومهاجر الزلط.. المهاجر روتشيلد "ربكم الأعلى"
عقيدة مصر القتالية و"الأقواس التسعة".. من هم هم أعداؤنا؟
هل كثرة سكان مصر تحميها وحدها من الاحتلال الهكسوسي الجديد؟
شهادات أمريكية.. كيف انجرَّت إل فخ "التعددية الثقافية" و"خدعة اللاجئين"؟
-------------
المقالة مأخوذة من كتاب:
"الاغتيال الكبير.. وثائق اغتيال الدولة الوطنية في الأمم المتحدة وبناتها، مع مقارنة بين الامتيازات الأجنبية قبل 1952 والامتيازات العائدة بالاتفاقيات الدولية"
0 التعليقات:
إرسال تعليق