هل تجريم سرقة البيت واغتصاب أهله يفرق فيه إن كان السارق والغاصب دينه إيه، أو جنسه إيه، أو لغته اللي بيتكلم بيها إيه، ولا السرقة والاغتصاب وإن غريب يتحكم في بيتي وأهلي ومصيرهم مرفوض أيا كان مين هو؛ لأن أصول الحرية والشرف والكرامة ترفض الرضا بتحكم أجنبي في بيتي أيا كان؟
نشر موقع "الدستور" في 2-2-2020 خبر يقول إن الشيخ نشأت زارع كبير أئمة الأوقاف في محافظة الدقهلية طالب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بالاعتذار لدول العالم عن "الفتوحات الإسلامية"، معتبرًا أنها "احتلال" وانتهاك لحقوق الإنسان.
وقال الشيخ نشأت للموقع: "أعلنت رأيى هذا منذ سنوات فى مقال حمل عنوان (الفتوحات السياسية)، قلت فيه إن الفتوحات سياسية وليست إسلامية، وإن إلصاقها بالإسلام يضره، والقرآن كان واضحًا فى هذه القضية، وأكد أن الأصل هو السلم، وأن الحرب استثناء وتحدث للدفاع عن النفس (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)".
وإن "الشيخ محمود شلتوت فى كتاب (الإسلام عقيدة وشريعة) أنكر الفتوحات، وقال إن الحرب دفاعية فقط وليست هجومية، فما هو موجود فى كتب التراث بما يسمى (جهاد الطلب) باطل باطل، وللأسف هو الموجود فى عقول كل تيارات الإسلام السياسى والتنظيمات الإرهابية المسلحة التى تحلم بالسبايا والغنائم".
وقال إن: "رسولنا لم يدخل البلاد بل كان يكتفى بإرسال رسائل سلمية للملوك، وأسأل كل مؤيدى الفتوحات: (أترضاه لأمك أو لأختك؟).. ضع نفسك فى نفس المكان وتخيل أنك ولدت غير مسلم، فهل ترضى أن يعتدى عليك آخر ويخيرك بين الإسلام والجزية والقتال، وإذا انتصر عليك يأخذ نساءك سبايا كما تقول كتب الفقه والتراث".
والخبر حلو..
في نقطة بس.. إن الشيخ عايز الأزهر اللي يعتذر عن الغزوات ولا الفتوحات.
بس الأزهر مش هو اللي اخترعها ولا هو اللي قاد الجيوش لاحتلال البلاد التانية.
اللي يعتذر عنها هو أهل جزيرة العرب والقبايل اللي خرجت منها الجيوش دي.
لكن الأزهر مصري.. ومصر اتفتحت راسها بالفتوحات دي، مش هي اللي فتحت راس غيرها.
الأزهر دوره بس إنه يتمصر، ويعرف إنه عار عليه يقبل على بلده أي غزو عربي كان ولا عجمي، باسم إسلام ولا مسيحية ولا تحرير ولا ديمقراطية.. كله زي بعضه.
ويبطل في مناهجه يربط بين الإسلام وبين الشرعية الغلط اللي محطوطة للفتوحات.
والكلام ده مش بنقوله من فراغ
أنا قريت من الكتب اللي عملها المؤرخين المسلمين في القرون الأولى بعد نزول القرآن عن الفتوحات، زي كتاب "فتوح مصر وأخبارها" لابن عبد الحكم، و"تاريخ الطبري"، ومن بعدهم "المقريزي" اللي مجمع اللي في بطون الكتب اللي في عصور قبليه، وكل المراسلات اللي بين عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وعثمان بن عفان حوالين فتح مصر.
وللعلم.. مفيهاش رسالة واحدة ولا حوار واحد بيقولو فيه:
إنهم هيفتحو مصر عشان ينشرو الإسلام
ولا إن الإسلام بيأمرهم بالفتوحات دي أو لأي بلاد ما جاش ليهم منها ضرر.
كل كلامهم كان عن فتح مصر لأسباب اقتصادية، خصوصا عمرو بن العاص اللي كان تاجر وجه مصر قبل نزول القرآن وبهره الغنى والثروة اللي شافها في الإسكندرية.
فينقل مثلا ابن عبد الحكم في كتابه عن عمرو بن العاص قبل الفتح: "ما رأيت مثل مصر قط وكثرة ما فيها من الأموال"، وأنه "نظر إلى الإسكندرية وعمارتها وجودة بنائها وكثرة أهلها وما بها من الأموال فازداد عجبا".
وإنه في كلامه مع الخليفة عمر بن الخطاب عشان يقنعه بفتح مصر قاله: "إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم، وهي أكثر الأرض أموالا، وأعجزها عن القتال والحرب"، فتخوَّف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك، فلم يزل عمرو يعظم أمرها عنده حتى أقنعه".
و"كانت قوة للمسلمين وعونا لهم"، يقصد بالمسلمين هنا عرب الجزيرة العربية، والعون مقصود بيه عون مادي وتوسع سياسي مش مسألة دينية بحتة.
"وأعجزها عن القتال والحرب" يقصد عشان جيش الرومان كان مستنزف من حروبه مع الفرس ومن الصراعات الداخلية بين الرومان، وبسبب التفرق والخصومات بين المستوطنين الأجانب من روم وإغريق ويهود، وما بين كل دول وبين أهل البلد (قبط/فلاحين)، وأهل البلد الأصليين كنش معاهم جيش يخلصهم من الرومان ولا يحميهم من العرب.
وحصل الاستغلال الاقتصادي من العرب لمصر كأشد ما يكون، بالظبط زي ما كان بيعمل للرومان، فالعرب- زي الرومان- شافو مصر منجم ومزرعة لتغذية الفاتحين الغالبين في جزيرة العرب وغيرها.
فينقل الطبري في "تاريخ الطبري" (ج4) إنه بعد فتح عمرو بن العاص لمصر، وحصلت المجاعة في الحجاز، بعت عمر بن الخطاب للولاة في الأمصار يبعتو نجدة وغوث لأهل المدينة من حولها، وبعتله عمرو بن العاص من مصر يقوله: " إن البحر الشامي (البحر المتوسط) حُفر لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حفيرا، فصب في بحر العرب (البحر الأحمر) فسده الروم والقبط، فإن أحببت أن يقوم سعر الطعام بالمدينة كسعره بمصر، حفرت له نهرا وبنيت له قناطر، فكتب إليه عمر: أن افعل وعجل ذلك، فقال له أهل مصر: خراجك زاج، وأميرك راض، وإن تم هذا انكسر الخراج، فكتب إلى عمر بذلك، وذكر أن فيه انكسار خراج مصر وخرابها، فكتب إليه عمر: اعمل فيه وعجّل، أخرب الله مصر في عمران المدينة وصلاحها، فعالجه عمرو وهو بالقلزم، فكان سعر المدينة كسعر مصر، ولم يزد ذلك مصر إلا رخا، ولم يرَ أهل المدينة بعد الرمادة مثلها، حتى حبُس عنهم البحر مع مقتل عثمان رضي الله عنه، فذلُّوا وتقاصروا وخشعوا".
والمقصود حفر قناة الخليج اللي اشتهرت باسم قناة أميرة المؤمنين علشان تسريع إنه يتبعت مراكب الحبوب والأكل والغوث من مصر للمدينة، والمصادر اللي تحت فيها إزاي عانى المصريين في حفر القناة دي، خصوصا إنه كان مطلوب تتحفر في المسافة من النيل للبحر الأحمر، في أقصر وقت، عشان يوصل الغوث للحجاز في أسرع وقت.
ونلاحظ في الكلام إن عمر بن الخطاب مكنش هامه مصر يحصلها إيه لو انضغط عليها وبقت تبعت مراكب غلال وغوث فوق الخراج، المهم عنده أهل المدينة، يعني الأسباب اقتصادية بحتة.
والكلام ده متقال في كتب المؤرخين المسليمن القدام.. قبل ما يطفح علينا مؤرخين العصور المتأخرة اللي بقو يلونو التاريخ بفرشتهم الخاصة، عشان يبررو للحكام بتوعهم أو التنظيمات الدولية اللي هما تبعهم احتلال بلاد غيرهم، ويسكتو الناس باسم إن الإسلام هو اللي بيأمر بده.
ومفيش نهائي في كلام الناس بتوع الفتوحات الأولى إنهم فتحو مصر عشان ينشرو الإسلام، ولا عشان يحررو مصر من ظلم الرومان، ولا كل الكلام اللي بيتقال دلوقت.
وفوق ده، فالقبايل العربية اللي غزت مصر، قعدت أكتر من 100 سنة منعزلة في الفسطاط والإسكندرية والجيزة عن المصريين (القبط/الفلاحين)، بحسب المقريزي في الخطط، وما طلعوش أي قوافل تنشر الدعوة الإسلامية في الأرياف، وكتب المؤرخين الأوائل جبتش أي سيرة عن نشاط القبايل دي في نشر الدعوة بين المصريين بعيد عن المدن، كان اهتمامهم أكتر بالتجارة والمكاسب إلخ.
فيقول المقريزي (ج1): "ولم ينتشر الإسلام في قرى مصر إلا بعد المائة من تاريخ الهجرة، عندما أنزل عبيد الله بن الحبحاب مولى سلول قيسا بالحوف الشرقي، فلما كان بالمائة الثانية من سني الهجرة كثر انتشار المسلمين ]العرب الوافدين[ بقرى مصر ونواحيها".
والحادثة اللي بيتكلم عنها المقريزي هي لما اضطر الولاة العرب يسكنو قبايل جنب القرى علشان يكسرو المقاومة بتاعة القبط/الفلاحين في القرى ضد الولاة والظلم اللي بيعملوه في معاملتهم أو جباية الضرايب، زي ما حصل في ثورة الحوف الشرقي سنة 107 هجرية، فنزلو قبايل هناك عشان يعملو توازن، وينشرو السيطرة العربية.
فيقول المقريزي في خططه إن عبد الله بن الحبحاب، متولي خراج مصر في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، كتب إلى الخليفة بأن أرض مصر تحتمل الزيادة ]يعني يزودو الخراج والضرايب[، فزاد على كل دينار قيراطا، فانتفضت كورة بنو ونمي وقريط وطرابية وعامة الحوف الشرقي بالوجه البحري سنة 107 هـ، فبعث إليهم الوالي الحر بن يوسف بأهل الديوان (أي قوات الاحتلال العربي) فحاربوهم وقتل منهم بشرا كثيرا، وذلك أول انتفاض القبط بمصر، على حد تعبيره، واستمرت الانتفاضة المصرية عدة شهور، حتى أن الوالي رابط في دمياط 3 شهور، وانتقلت الانتفاضة إلى الوجه القبلي.
وعقب الثورة دي أرسل هشام عبد الملك عام 109 هـ 3 آلاف من أفراد قبيلة قيس إلى الحوف الشرقي- مركز الثورة- في محافظة الشرقية وسلمهم أرضا ليزرعوها، وإن كان ده ما منعش تقوم ثورات تانية أكبر منها ضد الولاة العرب، ومنها ثورة الوجه القبلي 121 ه،ـ ثورة سمنود بالوجه البحري 132 ه،ـ ثورة رشيد 132 هـ، ثورة سمنود الثانية 135 ه، ثورة سخا 150 هـ، ثورة بلهيب 156 هـ أما أشدها فكانت الثورة البشمورية 216 هـ، ووصلت شدتها إن الخليفة المأمون يجيب جيش عرمرم وييجي من بغداد لمصر عشان يخدمها، ووصل التنكيل بالثوار فيها للحكم ببيع نساءهم وأطفالهم بحسب اللي كتبه الكندي والمقريزي.
فلا الإسلام يتحمل وزر الفتوحات دي.
ولا مصر تتحملها وزرها عشان الأزهر هو اللي يعتذر عنها كأن إحنا المصريين اللي عملناها..
إن طلب الاعتذار ما يكونش من اللي عملو الفتوحات العربية ولا الإسلامية بس، أو احتلو مصر بأي شكل زي العرب والعبيديين "الفاطميين"، والأيوبيين والمماليك والعثمانلية، لكن من اللي عملو الفتوحات الرومانية واليونانية والفارسية والفرنساوية والإنجليزية والإسرائيلية وكل من احتل مصر تحت أي بند..
خصوصا إن كلهم فتحوها اعتداء وعدوان، أما أهل مصر مكنش اعتدو عليهم.
وفي سوابق إن بابا الفاتيكان في سنة 2000 قدم اعتذار عن الحروب الصليبية (وهو يختلف عن الأزهر لأنه الفاتيكان هو اللي كان بيخطط ويقود الحروب الصليبية)، في سنة 2008 اعتذرت إيطاليا عن احتلالها لليبيا، وقالت كمان أيام سيلفيو بيرلسكوني إنها هتخصص 5 مليار دولار تقدمها لليبيين تعويضات، وفي 2018 اعتذر الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون عن التعذيب اللي عمله الفرنسيس للجزائريين وقت الثورة... فإما يعتذر كل اللي احتلو مصر عرب وعجم عن احتلالهم ليها؟
أما إن ما اعتذروش، فيكفينا إن المصريين يتخلصو من الوهم والعار اللي غرسه المحتلين في أرضنا، لما زور أحفاد ليهم، أو أتباع، أو أعضاء تنظيمات دولية، التاريخ، واعتبرو إن الاحتلال العربي أو الفرنسي أو اليوناني أو المملوكي أو العثمانلي أو الإنجليزي إلخ كان "فتح عظيم"، و"تحرير" لمصر من الظلم أو التخلف إلخ..
فتحرير مصر الحقيقي.. اللي لسة اتحققش 100% ثقافي واقتصادي وسياسي إلخ، هو في إن المصريين يرجعو أحرار بجد زي أجدادهم الكيمتيين، يرجعو لعقيدتهم بإنه مفيش بشر في الكون له الحق في احتلالهم، أو غزوهم، أو استيطان أرضهم، تحت أي اسم أو تبرير.
وإنه في اللحظة اللي يرجع فيها المصريين يعتبرو كل حكم أجنبي عدى لمصر من بعد الأجداد لحد 1952 هو احتلال، بما فيه الاحتلال الاستيطاني للجاليات اللي استوطنت في مصر لكن نسيتش أصولها الأجنبية، وعاشت في مصر تخدم الاحتلال، أو تخدم ثقافة البلاد الأجنبية اللي جاية منها ومصالحها، وإنه ينص الدستور على تجريم أي انتماء لأي ثقافة أو بلد برة الحدود..
في اللحظة دي، هترجع مصر بحق للمصريين، وتبقى حقيقي مصر حرة لشعب الأحرار.
إفتكار السيد (نفرتاري أحمس)
مقالات ليها صلة:
قرطسة الشعب العظيم.. محطات مؤلمة وخفية في تاريخ العلاقات المصرية السورية 1839- 2020
________________________
المصادر:
مصدر وتفاصيل الخبر:
-كبير أئمة "أوقاف الدقهلية" يدعو للاعتذار عن الفتوحات الإسلامية
مصادر الكتب عن الفتوحات في العصور الأولى (كل الكتب دي متوفرة للتحميل من على النت):
1- كتاب "فتوح مصر وأخبارها" أبو القاسم بن عبد الحكم، مكتبة مدبولي
2- كتاب تاريخ الرسل والملوك (تاريخ الطبري)، محمد بن جرير الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الجزء الرابع، دار المعارف
3- كتاب المواعظ والاعتبار (الخطط المقريزية)، الجزء الأول، مكتبة مدبولي
4- كتاب "مصر في عصر الولاة من الفتح العربي إلى قيام الدولة الطولونية" الدكتورة سيدة كاشف، الهيئة المصرية العامة للكتاب
(وفيه جمع لكتير من كتب المؤرخين الأوائل عن أسباب وأحداث فتح مصر)
5- كتاب "فتح العرب لمصر" لألفريد بتلر، مكتبة مدبولي
6- كتاب "الثورات الشعبية في مصر الإسلامية"، حسين نصار، الهيئة العامة لقصور الثقافة
7- كتاب "نكبة توطين الهكسوس" (النكبة المصرية).. إصدار 2019
وفيه برضو تجميعة من بطون كتب المؤرخين القدام عن أحداث وأسباب فتح مصر، وإيه العلاقة الحقيقية بين العرب و القبط/الفلاحين
لم يختلف الفتح أو الاحتلال العربي عن الروماني واليوناني وغيره (صورة رمزية من النت) |
نشر موقع "الدستور" في 2-2-2020 خبر يقول إن الشيخ نشأت زارع كبير أئمة الأوقاف في محافظة الدقهلية طالب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بالاعتذار لدول العالم عن "الفتوحات الإسلامية"، معتبرًا أنها "احتلال" وانتهاك لحقوق الإنسان.
وقال الشيخ نشأت للموقع: "أعلنت رأيى هذا منذ سنوات فى مقال حمل عنوان (الفتوحات السياسية)، قلت فيه إن الفتوحات سياسية وليست إسلامية، وإن إلصاقها بالإسلام يضره، والقرآن كان واضحًا فى هذه القضية، وأكد أن الأصل هو السلم، وأن الحرب استثناء وتحدث للدفاع عن النفس (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)".
وإن "الشيخ محمود شلتوت فى كتاب (الإسلام عقيدة وشريعة) أنكر الفتوحات، وقال إن الحرب دفاعية فقط وليست هجومية، فما هو موجود فى كتب التراث بما يسمى (جهاد الطلب) باطل باطل، وللأسف هو الموجود فى عقول كل تيارات الإسلام السياسى والتنظيمات الإرهابية المسلحة التى تحلم بالسبايا والغنائم".
وقال إن: "رسولنا لم يدخل البلاد بل كان يكتفى بإرسال رسائل سلمية للملوك، وأسأل كل مؤيدى الفتوحات: (أترضاه لأمك أو لأختك؟).. ضع نفسك فى نفس المكان وتخيل أنك ولدت غير مسلم، فهل ترضى أن يعتدى عليك آخر ويخيرك بين الإسلام والجزية والقتال، وإذا انتصر عليك يأخذ نساءك سبايا كما تقول كتب الفقه والتراث".
صورة للخبر من موقع الدستور |
مين اللي يعتذر لمصر؟
والخبر حلو..في نقطة بس.. إن الشيخ عايز الأزهر اللي يعتذر عن الغزوات ولا الفتوحات.
بس الأزهر مش هو اللي اخترعها ولا هو اللي قاد الجيوش لاحتلال البلاد التانية.
اللي يعتذر عنها هو أهل جزيرة العرب والقبايل اللي خرجت منها الجيوش دي.
لكن الأزهر مصري.. ومصر اتفتحت راسها بالفتوحات دي، مش هي اللي فتحت راس غيرها.
الأزهر دوره بس إنه يتمصر، ويعرف إنه عار عليه يقبل على بلده أي غزو عربي كان ولا عجمي، باسم إسلام ولا مسيحية ولا تحرير ولا ديمقراطية.. كله زي بعضه.
ويبطل في مناهجه يربط بين الإسلام وبين الشرعية الغلط اللي محطوطة للفتوحات.
والكلام ده مش بنقوله من فراغ
أنا قريت من الكتب اللي عملها المؤرخين المسلمين في القرون الأولى بعد نزول القرآن عن الفتوحات، زي كتاب "فتوح مصر وأخبارها" لابن عبد الحكم، و"تاريخ الطبري"، ومن بعدهم "المقريزي" اللي مجمع اللي في بطون الكتب اللي في عصور قبليه، وكل المراسلات اللي بين عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص وعثمان بن عفان حوالين فتح مصر.
وللعلم.. مفيهاش رسالة واحدة ولا حوار واحد بيقولو فيه:
إنهم هيفتحو مصر عشان ينشرو الإسلام
ولا إن الإسلام بيأمرهم بالفتوحات دي أو لأي بلاد ما جاش ليهم منها ضرر.
كل كلامهم كان عن فتح مصر لأسباب اقتصادية، خصوصا عمرو بن العاص اللي كان تاجر وجه مصر قبل نزول القرآن وبهره الغنى والثروة اللي شافها في الإسكندرية.
فينقل مثلا ابن عبد الحكم في كتابه عن عمرو بن العاص قبل الفتح: "ما رأيت مثل مصر قط وكثرة ما فيها من الأموال"، وأنه "نظر إلى الإسكندرية وعمارتها وجودة بنائها وكثرة أهلها وما بها من الأموال فازداد عجبا".
وإنه في كلامه مع الخليفة عمر بن الخطاب عشان يقنعه بفتح مصر قاله: "إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم، وهي أكثر الأرض أموالا، وأعجزها عن القتال والحرب"، فتخوَّف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك، فلم يزل عمرو يعظم أمرها عنده حتى أقنعه".
و"كانت قوة للمسلمين وعونا لهم"، يقصد بالمسلمين هنا عرب الجزيرة العربية، والعون مقصود بيه عون مادي وتوسع سياسي مش مسألة دينية بحتة.
"وأعجزها عن القتال والحرب" يقصد عشان جيش الرومان كان مستنزف من حروبه مع الفرس ومن الصراعات الداخلية بين الرومان، وبسبب التفرق والخصومات بين المستوطنين الأجانب من روم وإغريق ويهود، وما بين كل دول وبين أهل البلد (قبط/فلاحين)، وأهل البلد الأصليين كنش معاهم جيش يخلصهم من الرومان ولا يحميهم من العرب.
وحصل الاستغلال الاقتصادي من العرب لمصر كأشد ما يكون، بالظبط زي ما كان بيعمل للرومان، فالعرب- زي الرومان- شافو مصر منجم ومزرعة لتغذية الفاتحين الغالبين في جزيرة العرب وغيرها.
فينقل الطبري في "تاريخ الطبري" (ج4) إنه بعد فتح عمرو بن العاص لمصر، وحصلت المجاعة في الحجاز، بعت عمر بن الخطاب للولاة في الأمصار يبعتو نجدة وغوث لأهل المدينة من حولها، وبعتله عمرو بن العاص من مصر يقوله: " إن البحر الشامي (البحر المتوسط) حُفر لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حفيرا، فصب في بحر العرب (البحر الأحمر) فسده الروم والقبط، فإن أحببت أن يقوم سعر الطعام بالمدينة كسعره بمصر، حفرت له نهرا وبنيت له قناطر، فكتب إليه عمر: أن افعل وعجل ذلك، فقال له أهل مصر: خراجك زاج، وأميرك راض، وإن تم هذا انكسر الخراج، فكتب إلى عمر بذلك، وذكر أن فيه انكسار خراج مصر وخرابها، فكتب إليه عمر: اعمل فيه وعجّل، أخرب الله مصر في عمران المدينة وصلاحها، فعالجه عمرو وهو بالقلزم، فكان سعر المدينة كسعر مصر، ولم يزد ذلك مصر إلا رخا، ولم يرَ أهل المدينة بعد الرمادة مثلها، حتى حبُس عنهم البحر مع مقتل عثمان رضي الله عنه، فذلُّوا وتقاصروا وخشعوا".
والمقصود حفر قناة الخليج اللي اشتهرت باسم قناة أميرة المؤمنين علشان تسريع إنه يتبعت مراكب الحبوب والأكل والغوث من مصر للمدينة، والمصادر اللي تحت فيها إزاي عانى المصريين في حفر القناة دي، خصوصا إنه كان مطلوب تتحفر في المسافة من النيل للبحر الأحمر، في أقصر وقت، عشان يوصل الغوث للحجاز في أسرع وقت.
ونلاحظ في الكلام إن عمر بن الخطاب مكنش هامه مصر يحصلها إيه لو انضغط عليها وبقت تبعت مراكب غلال وغوث فوق الخراج، المهم عنده أهل المدينة، يعني الأسباب اقتصادية بحتة.
والكلام ده متقال في كتب المؤرخين المسليمن القدام.. قبل ما يطفح علينا مؤرخين العصور المتأخرة اللي بقو يلونو التاريخ بفرشتهم الخاصة، عشان يبررو للحكام بتوعهم أو التنظيمات الدولية اللي هما تبعهم احتلال بلاد غيرهم، ويسكتو الناس باسم إن الإسلام هو اللي بيأمر بده.
ومفيش نهائي في كلام الناس بتوع الفتوحات الأولى إنهم فتحو مصر عشان ينشرو الإسلام، ولا عشان يحررو مصر من ظلم الرومان، ولا كل الكلام اللي بيتقال دلوقت.
وفوق ده، فالقبايل العربية اللي غزت مصر، قعدت أكتر من 100 سنة منعزلة في الفسطاط والإسكندرية والجيزة عن المصريين (القبط/الفلاحين)، بحسب المقريزي في الخطط، وما طلعوش أي قوافل تنشر الدعوة الإسلامية في الأرياف، وكتب المؤرخين الأوائل جبتش أي سيرة عن نشاط القبايل دي في نشر الدعوة بين المصريين بعيد عن المدن، كان اهتمامهم أكتر بالتجارة والمكاسب إلخ.
لم يتمكن أحد من احتلال مصر إلا وقت غياب جيشها أو وقت الاستيطان الأجنبي فيها (الصورة رمزية من النت) |
فيقول المقريزي (ج1): "ولم ينتشر الإسلام في قرى مصر إلا بعد المائة من تاريخ الهجرة، عندما أنزل عبيد الله بن الحبحاب مولى سلول قيسا بالحوف الشرقي، فلما كان بالمائة الثانية من سني الهجرة كثر انتشار المسلمين ]العرب الوافدين[ بقرى مصر ونواحيها".
والحادثة اللي بيتكلم عنها المقريزي هي لما اضطر الولاة العرب يسكنو قبايل جنب القرى علشان يكسرو المقاومة بتاعة القبط/الفلاحين في القرى ضد الولاة والظلم اللي بيعملوه في معاملتهم أو جباية الضرايب، زي ما حصل في ثورة الحوف الشرقي سنة 107 هجرية، فنزلو قبايل هناك عشان يعملو توازن، وينشرو السيطرة العربية.
فيقول المقريزي في خططه إن عبد الله بن الحبحاب، متولي خراج مصر في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، كتب إلى الخليفة بأن أرض مصر تحتمل الزيادة ]يعني يزودو الخراج والضرايب[، فزاد على كل دينار قيراطا، فانتفضت كورة بنو ونمي وقريط وطرابية وعامة الحوف الشرقي بالوجه البحري سنة 107 هـ، فبعث إليهم الوالي الحر بن يوسف بأهل الديوان (أي قوات الاحتلال العربي) فحاربوهم وقتل منهم بشرا كثيرا، وذلك أول انتفاض القبط بمصر، على حد تعبيره، واستمرت الانتفاضة المصرية عدة شهور، حتى أن الوالي رابط في دمياط 3 شهور، وانتقلت الانتفاضة إلى الوجه القبلي.
وعقب الثورة دي أرسل هشام عبد الملك عام 109 هـ 3 آلاف من أفراد قبيلة قيس إلى الحوف الشرقي- مركز الثورة- في محافظة الشرقية وسلمهم أرضا ليزرعوها، وإن كان ده ما منعش تقوم ثورات تانية أكبر منها ضد الولاة العرب، ومنها ثورة الوجه القبلي 121 ه،ـ ثورة سمنود بالوجه البحري 132 ه،ـ ثورة رشيد 132 هـ، ثورة سمنود الثانية 135 ه، ثورة سخا 150 هـ، ثورة بلهيب 156 هـ أما أشدها فكانت الثورة البشمورية 216 هـ، ووصلت شدتها إن الخليفة المأمون يجيب جيش عرمرم وييجي من بغداد لمصر عشان يخدمها، ووصل التنكيل بالثوار فيها للحكم ببيع نساءهم وأطفالهم بحسب اللي كتبه الكندي والمقريزي.
فلا الإسلام يتحمل وزر الفتوحات دي.
ولا مصر تتحملها وزرها عشان الأزهر هو اللي يعتذر عنها كأن إحنا المصريين اللي عملناها..
الاعتذار مطلوب من كل احتلال
وفي كمان حاجة مهمة..إن طلب الاعتذار ما يكونش من اللي عملو الفتوحات العربية ولا الإسلامية بس، أو احتلو مصر بأي شكل زي العرب والعبيديين "الفاطميين"، والأيوبيين والمماليك والعثمانلية، لكن من اللي عملو الفتوحات الرومانية واليونانية والفارسية والفرنساوية والإنجليزية والإسرائيلية وكل من احتل مصر تحت أي بند..
خصوصا إن كلهم فتحوها اعتداء وعدوان، أما أهل مصر مكنش اعتدو عليهم.
وفي سوابق إن بابا الفاتيكان في سنة 2000 قدم اعتذار عن الحروب الصليبية (وهو يختلف عن الأزهر لأنه الفاتيكان هو اللي كان بيخطط ويقود الحروب الصليبية)، في سنة 2008 اعتذرت إيطاليا عن احتلالها لليبيا، وقالت كمان أيام سيلفيو بيرلسكوني إنها هتخصص 5 مليار دولار تقدمها لليبيين تعويضات، وفي 2018 اعتذر الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون عن التعذيب اللي عمله الفرنسيس للجزائريين وقت الثورة... فإما يعتذر كل اللي احتلو مصر عرب وعجم عن احتلالهم ليها؟
أما إن ما اعتذروش، فيكفينا إن المصريين يتخلصو من الوهم والعار اللي غرسه المحتلين في أرضنا، لما زور أحفاد ليهم، أو أتباع، أو أعضاء تنظيمات دولية، التاريخ، واعتبرو إن الاحتلال العربي أو الفرنسي أو اليوناني أو المملوكي أو العثمانلي أو الإنجليزي إلخ كان "فتح عظيم"، و"تحرير" لمصر من الظلم أو التخلف إلخ..
مشهد مرسوم للغزو الإنجليزي لمصر في موقعة التل الكبير 1882 (المصدر: موقع Getty image)لحظة تحرير مصر (كيمة) الحقيقية |
فتحرير مصر الحقيقي.. اللي لسة اتحققش 100% ثقافي واقتصادي وسياسي إلخ، هو في إن المصريين يرجعو أحرار بجد زي أجدادهم الكيمتيين، يرجعو لعقيدتهم بإنه مفيش بشر في الكون له الحق في احتلالهم، أو غزوهم، أو استيطان أرضهم، تحت أي اسم أو تبرير.
وإنه في اللحظة اللي يرجع فيها المصريين يعتبرو كل حكم أجنبي عدى لمصر من بعد الأجداد لحد 1952 هو احتلال، بما فيه الاحتلال الاستيطاني للجاليات اللي استوطنت في مصر لكن نسيتش أصولها الأجنبية، وعاشت في مصر تخدم الاحتلال، أو تخدم ثقافة البلاد الأجنبية اللي جاية منها ومصالحها، وإنه ينص الدستور على تجريم أي انتماء لأي ثقافة أو بلد برة الحدود..
في اللحظة دي، هترجع مصر بحق للمصريين، وتبقى حقيقي مصر حرة لشعب الأحرار.
إفتكار السيد (نفرتاري أحمس)
مقالات ليها صلة:
قرطسة الشعب العظيم.. محطات مؤلمة وخفية في تاريخ العلاقات المصرية السورية 1839- 2020
________________________
المصادر:
مصدر وتفاصيل الخبر:
-كبير أئمة "أوقاف الدقهلية" يدعو للاعتذار عن الفتوحات الإسلامية
مصادر الكتب عن الفتوحات في العصور الأولى (كل الكتب دي متوفرة للتحميل من على النت):
1- كتاب "فتوح مصر وأخبارها" أبو القاسم بن عبد الحكم، مكتبة مدبولي
2- كتاب تاريخ الرسل والملوك (تاريخ الطبري)، محمد بن جرير الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الجزء الرابع، دار المعارف
3- كتاب المواعظ والاعتبار (الخطط المقريزية)، الجزء الأول، مكتبة مدبولي
4- كتاب "مصر في عصر الولاة من الفتح العربي إلى قيام الدولة الطولونية" الدكتورة سيدة كاشف، الهيئة المصرية العامة للكتاب
(وفيه جمع لكتير من كتب المؤرخين الأوائل عن أسباب وأحداث فتح مصر)
5- كتاب "فتح العرب لمصر" لألفريد بتلر، مكتبة مدبولي
6- كتاب "الثورات الشعبية في مصر الإسلامية"، حسين نصار، الهيئة العامة لقصور الثقافة
وفيه برضو تجميعة من بطون كتب المؤرخين القدام عن أحداث وأسباب فتح مصر، وإيه العلاقة الحقيقية بين العرب و القبط/الفلاحين
1 التعليقات:
المشكلة مش انك مش عارفة المشكلة ان الكلام قدامك وغيرة انتى عارفاه بس مصره تلوى الكلام وتحرفيه
إرسال تعليق