التاريخ الميلادي

السبت، 17 مايو 2025

طلبات الملك فيصل من أمريكا 1964-1967.. تجويع المصريين (وثايق الخارجية الأمريكية)

 القاهرة- إفتكار السيد (نفرتاري أحمس)

 من سنة 1964-1967 ما وقفش الملك السعودي، فيصل بن عبد العزيز، اللَّح على الأمريكان إنهم يقطعو شحنات القمح عن مصر، بحجة يجبر الرئيس جمال عبد الناصر إنه يسحب الجيش المصري من اليمن، وده في الوثايق الأمريكية اللي وصلت ليها لحد دلوقت، فيمكن يكون في طلبات من نفس النوع قبل وبعد.

إلحاح سعودي على أمريكا لمنع القمح عن مصر ما اتقطعش من 1964-1967

وكان في مقالة كتبتها بعنوان "عبد الناصر في 1967: الملك فيصل حرَّض الأمريكان عليَّا وشمتان فينا" جبنا وثيقة من وزارة الخارجية الأمريكية نشرها الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في كتابه "عام من الأزمات" عن محضر اجتماع بين الملك فيصل، والسفير الأمريكي في السعودية، باركر تي هارت، في مدينة الطايف سنة 1964، بيحرض فيها الأمريكان يتحركو ضد عبد الناصر، ويقطعو عن مصر حصص القمح اللي بتقدمها أمريكا لمصر بشروط ميسرة.

وقتها ناس صدقت الوثيقة اللي نشرها هيكل، وناس استغربت، وناس كَدِّبتها وقالت ما يطلعش من فيصل إنه توصل يضر مصر بسلاح التجويع.

لكن لما دورت في مصادر تانية، لقيت فعلا إن الملك فيصل وقيادات تانية في الحكومة السعودية، وفي كذا اجتماع ومراسلات مع الأمريكان، قعدو يلحو على الأمريكان إنهم يقطعو القمح عن مصر كذا سنة ورا بعض، يعني مش مرة واحدة، ده على الأقل من سنة 1964 لحد 1967، وده في الوثايق اللي وصلتلها لحد دلوقت، ويمكن في مرات تانية قبل أو بعد.

الوثايق دي لقيت وزارة الخارجية الأمريكية حاليا ناشراها على موقع إلكتروني مخصصاه لنشر أرشيف الوثايق اللي سمح القانون الأمريكي برفع السرية عنها، وإنها تبقى متيسرة لأي حد يشوفها.

وإن كان سحب أمريكا حصص القمح اللي متخصصة لمصر مش بيتسبب في تجويع مصر بمعنى تجويع، وكذا مرة اتقطعت وما حصلش حاجة، ومصر قدرت تعوضها من دول تانية، خصوصا إن مصر بتزرع قمح برضو ومش بتعتمد على القمح من برة 100%، لكن واضح إنه كان فيصل عايز يحاصر مصر وقتها من كل ناحية، وبأي وسيلة يقدر عليها.

 فما اكتفاش بالمواجهات العسكرية بينه وبين الجيش المصري في ميدان الحرب، اللي هو اليمن، بإنه دعم اليمنيين اللي ضد ثورة اليمن، واشتهرو باسم الملكيين، بالسلاح وبالمساعدات الاقتصادية والأكل، أو بالمرتزقة من فرنسا وبريطانيا وغيرها، لكن كمان حب ينقل المعركة لجوة مصر نفسها، وباللي يمس المصريين اللي مش بيحاربو، عن طريق سلاح منع القمح الأمريكي عنهم.

فيصل: أوقفوا عن ناصر الطعام تماما

الأول، قبل ما نعرض الوثايق الجديدة، هنفتكر سوا الوثيقة اللي نشرها هيكل في كتاب "عام من الأزمات"، الطبعة الرابعة، ديسمبر 2001، صفحة 424-427، وهي وثيقة أمريكية بتاريخ 19-8-1964عن  محضر اجتماع بين الملك فيصل والسفير الأمريكي في السعودية، هارت، في مدينة الطايف، ضمن وثايق الخارجية الأمريكية برقم 36651/43 حرض فيها فيصل "بأصرح عبارة" على عبد الناصر، بحجة إن الطيران المصري بيعمل طلعات على جنوب السعودية، والقوات المصرية بتتحشد عند الحدود، وإنه في مؤامرة بين مصر والأردن والعراق على غزو السعودية وتقسيمها.

واعتبر فيصل إن السعودية "محاصرة" وقال للسفير الأمريكي: "إذا كان ناصر كما هو واضح يريد أن يضع يده على المملكة متصورا أنه (يعني فيصل) سوف يقف ساكتا في انتظار أن يُخنق فهو مخطئ".

وقال بحدة: "أخرجوا القوات المصرية من اليمن، وسوف ينهار هذا النظام الذي يدعون بمساعدته في شهر أو اثنين على أكثر تقدير".

وبيكمل فيصل للسفير الأمريكي في وثيقة محضر الاجتماع: "إنكم يجب أن تبذلوا أقصى جهد للخلاص من هذا الرجل الذي يفتح الطريق للتسلل الشيوعي"، و"لماذا تصبرون عليه؟ ألا ترون أنه لا يكف عن مهاجمتكم يوميا، مرة بسبب فيتنام، ومرة بسبب الكونجو؟ ما الذي يخصه في الكونجو؟".

وكان السفير الأمريكي مستغرب من كلام فيصل عن مؤامرات نسبها لناصر، ومنها إنه بيخطط مع العراق والأردن لاحتلال وتقسيم السعودية.

كمان لما سأله السفير عن معلومات بخصوص القوات المصرية اللي بيقول إنها بتتحشد عند الحدود السعودية، مالقاش عنده معلومات بخصوص حجمها ولا تسليحها ولا موقعها.

وقال السفير لفيصل: "إننا عطلنا توريد القمح إلى مصر طبقا للقانون 480" لكن الملك رد: "أوقفوا عنه الطعام تماما، وسوف ترون ما يحدث".

وبحسب حسنين هيكل فبرقية محضر الاجتماع دي بتاعة السفير الأمريكي ظهرت في الملفات الإسرائيلية اللي قال إنه اطلع عليه، وإنه قرا على هامش التقرير الخاص بيها تعليق "كتبه أحدهم" بإنه "إذا كان ذلك موقف الملك قبل أكثر من سنتين، فهو الآن بالتأكيد أكثر حدة عن ذي قبل"، يعني يقصد سنة 1966.

 اللَّح على حصار مصر والتجويع

وعلى موقع وزارة الخارجية الأمريكية الخاصة بأرشيف الوثايق السرية اللي بقى مسموح للناس تشوفها، لقيت كذا وثيقة تانية عن طلبات فيصل وقيادات سعودية تانية بخصوص وقف المساعدات الأمريكية لمصر، بما فيها القمح، منها اللي في سنة 1964 برضو، وفي 1966، و1967.

وتحت عنوان: "العلاقات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية 1964-1968، المجلد 21، منطقة الشرق الأدنى، الجزيرة العربية"

Foreign Relations of the United States, 1964–1968, Volume XXI, Near East Region; Arabian Peninsula

المذكرة رقم 221: برقية من السفارة في العربية السعودية إلى وزارة الخارجية1، جدة، 12 يناير 1964.

221. Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State1.Jidda, January 12, 1964.

وهي رسالة من فيصل، وكان لسة ولي العهد، لكن هو اللي بيدير الأمور، لليندون جونسون اللي كان لسة متولي رياسة أمريكا جديد بعد قتل جون كيندي، وسلمها عمر السقاف، وكيل وزارة الخارجية السعودي، للسفير الأمريكي هارت، في 11-1-1964، وكان قطع القمح عن مصر من أول طلبات فيصل من الرئيس الجديد، ومن اللي جه فيها:

"نحن بشكل تام ندرك أن الطريق الذي تتبعه الجمهورية العربية المتحدة ليس في صالح أحد، وأنها تخسر أكثر بعد أن تسبب إصرارها على التدخل في أحداث مؤسفة ومصائب مختلفة وخسائر للآلاف من اليمنيين وتدمير موارد رزقهم. إن قناعتنا إن هذه الكوارث ليس لها مبرر سوى الرغبة في إشباع الغطرسة والغرور المتأصلين".

ويكمل فيصل: "أتمنى يا صاحب السعادة أن تسمح لي أن أشرح لماذا أنا أرى أنه صعب أن أفهم وجهة النظر القائلة بأن قطع المساعدات عن الجمهورية العربية المتحدة سوف يدفعها بشكل أخطر نحو الاتحاد السوفيتي. أنا لم أكن أبدا، ولن أكون في أي وقت، ضد أن يستقبل شعب مصر الشقيقة مساعدات من أي جانب يود أن يقدمها، ولكني متأكد من أن معاليكم تميز، مثلما أفعل، الفرق الواضح بين توجيه هذه المساعدات نحو هدفها المقصود، وبشكل خاص رفع مستوى معيشة الشعب المصري، وبين توجيهها، وتكريسها في الواقع، لخدمة عدوان وفرض الكوارث على الآخرين".

 واشنطن: فقد شحنات الغذاء لن يذل ناصر

 وتحت عنوان: "العلاقات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية 1964-1968، المجلد 21، منطقة الشرق الأدنى، وزارة الخارجية"، المذكرة رقم 387، من وزير الخارجية (الأمريكي دين راسك) إلى الرئيس جونسون، بتاريخ 20 فبراير 1966، عن زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز

387. Memorandum From Secretary of State Rusk to President Johnson/1/ Washington, February 20, 1966. 

فحسب المذكرة، كان سلطان بيحمل "رسالة خاصة عاجلة" من فيصل لجونسون، وقال راسك فيها "نعتقد إنه سيعكس قلق فيصل العميق إزاء مشكلة اليمن".

وكان واضح من تقييم وزير الخارجية الأمريكي للمخاوف السعودية بخصوص اليمن، إنه شايف إنهم بيبالغو في الكلام عن حجم التهديد المصري والسوفيتي، وكان راسك بيعرض وجهة النظر بتاعة فيصل في كل نقطة، ويحط تقييمه ليها بين قوسين جنب كل نقطة، فيقول:

 يعكس موقف فيصل من اليمن الآتي:

1- القلق من أن انسحاب القوات المصرية من اليمن لم يبدأ بعد، ويعتقد بأن ناصر لا ينوي الوفاء بالتزاماته في الانسحاب التام بنهاية سبتمبر 1966 (نحن نعتقد أن ناصر سينسحب، ولكن ليس قبل أن يوافق السعوديين نظام انتقالي مقبول)

2- يعتقد (فيصل) أن السوفيت يمولون بقاء ناصر في اليمن كي يُنشيء موطئ قدم في منطقة البحر الأحمر، يشمل قواعد بحرية؟ (نحن لا نتفق في هذا، ونعتقد أن الأعداد التي يقدمها السعوديون بشأن الشيوعيين السوفيت والصينيين في اليمن مبالغ فيها بشكل كبير، ونعتبر أن الإدعاءات السعودية بشأن المنشآت البحرية أو العسكرية السوفيتية في منطقة البحر الأحمر لا أساس لها من الصحة، نحن نريد أن نشارك السعوديين تقديراتنا بشأن الخطر السوفيتي بالتفصيل".

3- يرى (يقصد راسك فيصل) أن القانون الأمريكي PL 480 الخاص بمد الجمهورية العربية المتحدة بشحنات الغذاء تساعد ناصر أن يبقى في اليمن. (نحن لا نتفق في هذا الرأي، التهديد بخسارة مساعداتنا الخاصة بالغذاء ليس كافيا ليجبر ناصر أن يقبل المذلة في اليمن).

4- التوقع (يعني فيصل يتوقع) بأنه سيستأنف مساعدة الملكيين إذا لم يبدأ انسحاب القوات المصرية قريبا. (نحن نحذر، استئناف تقديم المساعدات (للملكيين) سيسبب تجدد القتال، واتفاقية جدة تشمل تعهدات تخص الجانبين).

 وقانون شحنات الغذاء الأمريكية المعروف بـ PL 480 عملته أمريكا سنة 1954، لما بقى عندها فايض كبير في القمح، فعملت برنامج توزع الفايض على الدول اللي مش عايزة النفوذ الشيوعي ينتشر فيها، وعندها نقص في إنتاج القمح، وتبيعه ليهم بشروط ميسرة بدل ما يعتمدو على السوفيت في مشتريات القمح، زي إن الدول دي تدفع بالعملة المحلية مش بالدولار، وأوقات قليلة كان بتدي الشحنات منح.

وهنا نشوف إنه ما بين الوثيقتين اللي في 1964 استمر الطلب السعودي من الأمريكان بوقف "شحنات الغذاء" الأمريكية لمصر لحد 1966 لكذا مرة، ولسة هيكمل لحد 1967.

الملك فيصل و جونسون من موقع orientalartauctions

التحريض في 1967

تحت عنوان: "مجلد أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية عن العلاقات مع السعودية 1964- 1968.

البرقية رقم ٢٨٤، من السفارة في المملكة العربية السعودية إلى وزارة الخارجية ١ـ جدة، ١٠ يناير ١٩٦٧، ١٣١٤ز.

284. Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State1 ، Jidda, January 10, 1967, 1314Z.

يقول السفير الأمريكي في السعودية، هيرمان إيلتس، اللي اتولى بعد هارت، إنه قعد في جلسة 4 ساعات مع الدكتور رشاد فرعون (دكتور سوري اشتغل وزير للصحة في السعودية وبعدين اشتغل في العمل الدبلوماسي ومستشار لفيصل) يوم 6-1-1967، وبلغه فرعون إن الحكومة السعودية "تأسف لما تعتبره إحجاما واضحا من حكومة الولايات المتحدة عن التعاون بشكل أوثق مع الحكومة السعودية في الأمور ذات الاهتمام المشترك، أما إذا كانت الحكومة الأمريكية أقل تحفظا، فهو يرى أن الحكومة السعودية كانت ستكون أكثر تعاونا في الأمور ذات الأهمية الخاصة للحكومة الأمريكية".

ولما سأله السفير يقصد إيه، قاله على كذا ملف، منهم إنه: "الحكومة السعودية تلقت تقارير حديثة من واشنطن والقاهرة بأن الحكومة الأمريكية تنوي استئناف المساعدات الغذائية الميسرة للجمهورية العربية المتحدة، بالنسبة للسعودية فسياسات الحكومة الأمريكية في الشرق الأدنى محبطة لحد ما".

ورد إيلتس بإنه: "قلت له إني لا استطيع أن اتفق في أن موقف الحكومة الأمريكية نحو السعودية متحفظ، الإدارة الأمريكية تتعاون بشكل وثيق مع السعودية في أمور كثيرة ذات اهتمام مشترك، وستستمر في ذلك، للحكومة الأمريكية اهتمام بأمن السعودية بشكل عميق ومخلص، وتذكرت أني أعدت للتو له الحديث بشأن الضمانات الأمريكية ضد أي عدوان غير مبرر (على السعودية)".  

وعن مصر رد إيلتس: "أما فيما يتعلق بالغذاء من برنامج الغذاء للجمهورية العربية المتحدة، فلفت انتباهه إلى بيان صدر عن مسئول صحفي في وزارة الخارجية الأمريكية بأن طلب الجمهورية العربية المتحدة لا يزال تحت الدراسة، ولم يُتخذ قرار بشأنه بعد، وعلى كل حال، فهناك أمران يجب أن يُلاحظوا، أولا على عكس ما هو مفهوم بشكل واسع في الدوائر السعودية، فإن إنهاء شحنات الغذاء طبقا لقانون PL-480 إلى الجمهورية العربية المتحدة في وقت سابق، لم يجبر الجمهورية العربية المتحدة على سحب قواتها من اليمن، بالعكس، يبدو أنه قوَّى عزمها على البقاء هناك".

ويكمل إيلتس: "ثانيا،أدى إنهاء المساعدات الغذائية للجمهورية العربية المتحدة إلى تقليل النفوذ المحدود للغاية الذي يمكن للحكومة الأمريكية استخدامه بخصوص مشاكل المنطقة، بما فيها تلك المتعلقة بالسعودية".

وختم إيلتس النقطة دي بإنه: "علاوة على ذلك، تمكنت الجمهورية العربية المتحدة الآن من الحصول على بعض القمح من الاتحاد السوفيتي".

يعني عايز يقوله إن مصر بتعرف تتصرف في نقطة القمح، ومش بيبقى سبب إنها تخضع لشروطنا.

  منع القمح من شروط فيصل لقبول وساطة في أزمة اليمن

بعد الجلسة دي بحوالي 3 شهور، وتحت عنوان البرقية 431 "برقية من السفارة الأمريكية في السعودية إلى وزارة الخارجية، جدة 2 أبريل 1967"

431. Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State/1/ Jidda, April 2, 1967, 1500Z.

بيقول السفير الأمريكي إيلتس: "التقيت بالملك فيصل لمدة ساعتين تقريبًا في وقت متأخر من الليلة الماضية، كان رشاد فرعون حاضرا اللقاء، في البداية كان السقاف حاضر أيضا، لكنه سرعان ما ذهب ولم يعد (إنه مريض)، كان الملك مسترخيا وفي حالة معنوية جيدة".

وقال إنه عرض إن أمريكا تدخل وسيط بين مصر والسعودية عشان تنتهي أزمة اليمن بحل سلمي.

وكانت أمريكا، حسب ما وضح في برقيات تانية، خايفة يتطور الصراع لحرب بين مصر والسعودية، وتضطر أمريكا تدخل عسكري جنب السعودية على أساس اتفاقات الضمانات الأمنية بين أمريكا والسعودية، اللي بتلزم أمريكا تدافع عن السعودية لو اتعرضت لـ"عدوان غير مبرر".

وبيقول السفير الأمريكي إن فيصل قال إنه مش معترض على الوساطة الأمريكية، لكن له شروط، وهي حسب نص البرقية:

(أ) الحكومة السعودية لا تريد الالتزام بأي إجراءات أو قيود أثناء سير الوساطة، لكنها تحتفظ بحق التصرف بما تمليه عليها مصالحها.

(ب) هدف الوساطة يجب أن يكون ألا يبقى أثر لتأثير الجمهورية العربية المتحدة في اليمن، وأن الشعب اليمني له الحق في تقرير مستقبله.

 (ج) خلال سير الوساطة، لا تقدم الحكومة الأمريكية مساعدة خاصة إلى الجمهورية العربية المتحدة.

ويكمل السفير الأمريكي في الوثيقة، إن "فيصل كرر الكلام عن شكوكه بإن الهدف الأساسي لعبد الناصر من الاتفاق هو إنه يحصل من جديد على مساعدات الغذاء الميسرة، وإنه حالما ضمن ذلك، فسوف يتخلى عن اهتمامه، وإذا الشروط المذكورة (أ، ب، ج) لم تُقبل، فإن فيصل يعتقد إنه لا فائدة من محاولة الولايات المتحدة التوسط".

يقصد إنه عبد الناصر قبل مبدأ الوساطة الأمريكية بس عشان أمريكا تديله المساعدات الغذائية الميسرة، وده رغم إنه كذا مرة، زي ما شفنا في برقيات فاتت، الأمريكان يفهموه إن عبد الناصر مش بيبني قرارته على المساعدات الأمريكية، وقبل كدة اتقطعت وما أثرتش فيه.

ويقول السفير الأمريكي: "سألته ماذا يقصد بالضبط بأنه غير مستعد لإلزام نفسه بأي أفعال محددة أو قيود، وأشرت، على سبيل المثال، بإنه إذا لم يتم الحد من مواصلة الملكيين للأعمال العدائية، فإنه سيكون هناك أمل ضئيل لأي وساطة، والجمهورية العربية المتحدة من المتوقع بحق أن ترد على ذلك".

ويكمل السفير: "زعم فيصل أن القتال بالفعل يجري في اليمن، وضرب الجمهورية العربية المتحدة لقرى شمال اليمن يجري يوميا، والملكيين اليمنيين يجب أن يتخذوا خطوات للدفاع عن أنفسهم، أنا تذكرت ضمانات مختلفة سابقة أعطاها لي بأنه لن تذهب أسلحة سعودية إلى الملكيين اليمنيين، وسألته إذا ما كان هذا لا يزال موقف السعودية، فأخبرني إن الأمر كان كذلك عندنا تناقشنا سابقا، ولكن الموقف الآن تغير، وبينما لم يعترف بشكل محدد بأن الأسلحة السعودية تم استنئاف إرسالها إلى المكليين، قال: إذا الملكيين طلبوا منا أسلحة سنعطيها لهم. وأنا حثثته أن يعيد النظر في هذا، وتذكرت أنه أكد لي باستمرار أنه يريد حلا سلميا، ولن يدخر جهدا في سبيل ذلك".

في النقطة دي، كان الخلاف بين عبد الناصر وفيصل، إن ناصر مش هيبطل ضرب الملكيين اللي بتساعدهم السعودية ضد الجمهوريين غير لما السعودية توقف تسليحهم ومساعدتهم، وفيصل بيصر مش هيبطل تسليح للملكيين غير لما يمشي الجيش المصري من اليمن.

وفي رده على اللي يخص شحنات الأغذية اللي فيصل عايز أمريكا تقطعها عن مصر، بيقول السفير في البرقية لوزارته في أمريكا:

"فيما يخص أي مساعدات أمريكية جديدة إلى الجمهورية العربية المتحدة، قلت إني أشك في أن الحكومة الأمريكية تستطيع أن تقدم أي التزام شامل، على كل حال، استنادا لقرار وزير الخارجية رقم 165522،/5/1 أشرت إلى أن الجمهورية العربية المتحدة سحبت طلبها القديم بخصوص مساعدات الغذاء، وعلى هذا، مسألة مساعدات الغذاء للجمهورية العربية المتحدة لم يعد أمرا حاليا في العلاقات الأمريكية المصرية، ولم يعطِ أي تعليق".

يعني فيصل ما علقش على النقطة الأخرانية دي، فهو كان نفسه يكون لقطع المساعدات عن مصر تأثير.

 لكن الواضح من كلام السفير الأمريكي إن مصر كانت عاملة حسابها على إن أمريكا ممكن توقف القمح في أي وقت؛ يعني ما بقتش ورقة ضغط أمريكي.

الملك فيصل

 ● إزالة نفوذ مصر

بعد المقابلة دي بـ 10 تيام، قابل السفير فيصل تاني.

وتحت عنوان البرقية رقم 434، برقية من السفارة في السعودية إلى وزارة الخارجية،1، جدة، 12 أبريل 1967.

Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State/1/ Jidda, April 12, 1967, 1152Z

بيقول السفير الأمريكي، هيرمان إيلتس، إنه قعد في جلسة تفاوض مدة ساعتين مع فيصل، حضرها رشاد فرعون، وإنه رد على طلبات للسعودية بخصوص "إزالة" نفوذ مصر من جنوب جزيرة العرب، ووقف المساعدات الأمريكية ليها.

وقال السفير إنه رد بإنه "فيما يتعلق بشرط فيصل الخاص بضرورة إزالة نفوذ الجمهورية العربية المتحدة في اليمن، قلت إننا فسرنا ذلك بأنه يعني انسحاب قوات الجمهورية العربية المتحدة، وهذا المعنى يتوافق مع بيان الوزير للملك في بلير هاوس، وهو دائما هدف الحكومة الأمريكية، ولكن لا نحن ولا السعوديين ولا أي أحد آخر يمكن أن يأمل في إزالة كل تأثير للجمهورية العربية المتحدة في اليمن أو أي مكان آخر في ARP (الجزيرة العربية؟)، فهي كأكبر دولة عربية، تحتفظ الجمهورية العربية المتحدة بتأثير في هذا الجزء من العالم".

وبيكمل السفير الأمريكي، إنه "فيما يخص موضوع مساعدات الحكومة الأمريكية للجمهورية العربية المتحدة، قلت إنني متأكد إنه (يعني فيصل) لا يحاول أن يفرض شروطا على علاقتنا الثنائية مع الجمهورية العربية المتحدة التي نبحث عن تحسينها لو أمكن أن نجد السبل لذلك، ورغم أن الغذاء ليس عاملا في علاقتنا الحالية، فإننا نتصور أن بعض المساعدة الأمريكية للجمورية العربية المتحدة يمكن أن يكون في مصلحتنا ومصلحة السعودية للمضي قدما في تسوية نهائية لأزمة اليمن".

كمان شجع السفير فيصل على وقف تسليحه للملكيين؛ لأنه طول ما بيسلحهم بيدي حجة لناصر يفضل في اليمن.

ويقول السفير، بخصوص رد الملك فيصل، و"بعد أن استمع بعناية" كان ضمن اللي قاله:"إنه لا يملك الحق أو النية أن يقول للحكومة الأمريكية ماذا تفعل أو لا تفعل في علاقتها الثنائية مع الجمهورية العربية المتحدة،، وبروح من الصراحة فإنه كان يرغب فقط في أن يعطينا نصيحة بشكل ودي، وأن ناصر كان حتى وقت قريب متعاونا حينما كان يضمن مساعدات الغذاء الأمريكية، ثم تخلى عن أي اهتمام بتسوية أزمة اليمن، ونتيجة لذلك، وجدت الحكومة الأمريكية نفسها ملزمة بتقديم مساعدات غذائية، والتي بشكل مباشر أو غير مباشر، تساعد في الواقع مغامرات ناصر الخارجية".

وبيكمل فيصل بحسب برقية السفير أنه: "وإذا ما قدمت الحكومة الأمريكية أي مساعدة للجمهورية العربية المتحدة بعد خروج جيشها من اليمن، فإنه ليس لديه أي اعتراض، وهو بشكل تام راضٍ عن الضمانات الأمريكية بأنها لن تقدم مساعدة للجمهورية العربية المتحدة يمكن أن تضر جهود المصالحة".

الرئيس عبد الناصر والملك فيصل
 يعني الحكومة السعودية برضو ما يأستش من اللح على أمريكا بنفس الطلبات الخاصة بفرض أشكال من حصار مصر اقتصاديا وعسكريا إلخ، وكذا سنة ورا بعض، وواضح إنه رغم قسوة أمريكا مع مصر، لكن كانت أرحم من السعودية، والأهم إن دايما أمريكا كانت عارفة إن شحنات القمح اللي بتقدمها لمصر بشروط ميسرة، مكنتش الحكومة المصرية وقتها بتقدر تسمحلها تاخدها وسيلة تذل بيها مصر.

 والتحريض المتكرر من الملك فيصل ضد مصر، عسكريا واقتصاديا قبل حرب 1967، وشوقه إنه ينتهي أي نفوذ لمصر، وشماتة الإعلام السعودي في مصر بعد الحرب، واللي اتكلمنا عنه في المقال اللي فات، واستخدامه جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من جماعات دينية في ضرب هوية مصر ونشر التطرف فيها بعد وفاة عبد الناصر، يخلينا نعيد النظر في إيه هو السبب الحقيقي ورا الدعم المادي اللي قدمته السعودية لمصر بعد 1967، واللي عبد الناصر قال في كذا اجتماع وخطاب إنها مكنتش بتلتزم باللي بتعلنه 100%، وإيه حقيقة تقليل ضخ البترول في سنة 1973، وكان معمول في الأساس لمصلحة مين.

بقلم: إفتكار السيد (نفرتاري أحمس) 16-5-2025 

تم النشر لأول مرة على شكل تويتات في حسابي 

---------------

مواضيع ليها صلة:

عبد الناصر في 1967: الملك فيصل حرَّض الأمريكان عليا وشمتان فينا (وثايق)

عبد الناصر عنالهوية المصرية: مصر تختلف عن الدول العربية كلها (وثيقة)

المواضيع مسموعة على قناة كيمة والخاسوت

 المصادر:

1- موقع وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بالوثايق المرفوع عنها السرية عن علاقات ومراسلات الوزارة مع العالم ، واللي تم الإفراج عنها في الفترة من 1-1 1997إلى 20-1 2001

https://1997-2001.state.gov/

2- المذكرة رقم 221: برقية من السفارة في العربية السعودية إلى وزارة الخارجية1، جدة، 12 يناير 1964.

221. Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State1.Jidda, January 12, 1964.

https://history.state.gov/historicaldocuments/frus1964-68v21/d221

3- العلاقات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية 1964-1968، المجلد 21، منطقة الشرق الأدنى، وزارة الخارجية"، المذكرة رقم 387، من وزير الخارجية (الأمريكي دين راسك) إلى الرئيس جونسون، بتاريخ 20 فبراير 1966، عن زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز.

387. Memorandum From Secretary of State Rusk to President Johnson/1/ Washington, February 20, 1966.

https://1997-2001.state.gov/about_state/history/vol_xxi/zk.html

4-مجلد أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية عن العلاقات مع السعودية 1964- 1968.

البرقية رقم ٢٨٤، من السفارة في المملكة العربية السعودية إلى وزارة الخارجية ١ـ جدة، ١٠ يناير ١٩٦٧، ١٣١٤ز.

284. Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State1 ، Jidda, January 10, 1967, 1314Z.

https://history.state.gov/historicaldocuments/frus1964-68v21/d284

5- البرقية 431 "برقية من السفارة الأمريكية في السعودية إلى وزارة الخارجية، جدة 2 أبريل 1967"

431. Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State/1/ Jidda, April 2, 1967, 1500Z.

https://1997-2001.state.gov/about_state/history/vol_xxi/zn.html

6- عنوان البرقية رقم 434، برقية من السفارة في السعودية إلى وزارة الخارجية،1، جدة، 12 أبريل 1967.

Telegram From the Embassy in Saudi Arabia to the Department of State/1/ Jidda, April 12, 1967, 1152Z

https://1997-2001.state.gov/about_state/history/vol_xxi/zo.html

 

1 التعليقات:

ناصر كان وحده للاسف وبكل اسف كرة العربيه والشعوب العربيه

إرسال تعليق

جدول محتوى المقال
    Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

     
    Legacy Version