في يوم وفاة الفنانة ماجدة، 16 يناير 2020، يصح نفتكرلها دور مش مشهور، وليها ولكذا فنان وأديب من فنانين وأدباء الزمن العظيم، في محاولة حماية التراث والحضارة المصرية من إنها تدمر أو تتسرسب للشركات المتعدية الجنسيات، سوا اللي داخلة بوش أمريكي وأوروبي مكشوف، أو اللي داخلة بستارة عربية، زي رجال الأعمال والسماسرة العرب.
ريح السموم من الأجانب هبت على مصر في السبعينات علشان ترجعها "أسيرة" في إيد الأجانب من كل الأجناس زي ما كانت قبل 1952 |
والمسألة باختصار إنه بداية من السبعينات، ومع رجوع كل اللي كانو محتلين مصر قبل 1952 لمحاولة احتلالها مرة تانية، لكن باسم استثمار، وفيما يخص احتلال الثقافة والفن المصري- اللي كافح المصريين من أيام رفاعة الطهطاوي وعبد الله النديم لحد الستينات إنه يكون تحت السيطرة المصرية، وعمل المصريين ثورات دفعو فيها الدم علشان تحرير مصر من سيطرة الجيوش والجاليات الأجنبية- اتقدمت مشاريع غربية وعربية للسيطرة من جديد على مشروعات الثقافة والفن، إما بإنهم يشتروها، أو لو قدروش يشتروها يدمروها، بحسب المثل "فيها لأخفيها".
وشملت عملية الاحتلال الجديدة اقتراحات ومشاريع قوانين بإلغاء وزارة الثقافة في مصر (اللي تأسست لأول مرة بعد ثور يوليو)، وبيع التلفزيون المصري (اللي تأسس سنة 1960 كواحد من إنجازات الثورة)، وبيع المؤسسة العامة المصرية للسينما (اللي أسسها بنك مصر كواحدة من إنجازات ثورة 1919)، وتأجير الأماكن المهمة حوالين الهرم.
ومثال لده ورد في كتاب "الثورة المضادة في مصر"، للدكتور غالي شكري، من إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب، مواقف وقفتها الفنانة ماجدة، والفنانة نادية لطفي، والدكتورة الأديبة نعمات أحمد فؤاد، والأديب يوسف إدريس، وغيرهم، لمنع طوفان الاحتلال الأجنبي الجديد (عربي وعجمي) لمراكز الثقافة في مصر.
وفي السطور الجاية، هنقل، باختصار، الكلام زي ما ورد في الكتاب، ومش هيكون تعقيب مني إلا توضحيات بين الأقواس.
يقول غالي شكري في الكتاب:
في 6 يوليو 1977 نشرت جريدة الأهرام مقالا للدكتورة نعمات أحمد فؤاد يحذر
المصريين من أن عملية نصب تاريخية على وشك الإتمام يباع فيها تراث مصر الخالد على
مر العصور، وكأنها عملية اغتصاب وغزو أجنبي صريح يتم بسمسرة "مصرية" صريحة
أيضا كطابور خامس اقتصادي، ولكنه وصل هذه المرة إلى القلب، فاهتزت مصر من أقصاها
إلى أقصاها.
فماذا حدث؟
د.نعمات أحمد فؤاد، من أشهر المكافحين لحماية الهوية المصرية (المصدر: صورة من تسجيل ليها مع التلفزيون المصري) |
والتفاصيل، كما أوردتها نعمات أحمد فؤاد، أن "اتفاقا جرى قرب نهاية عام 1975
بين الهيئة المصرية للسياحة وإحدى الشركات الأجنبية المتعددة الجنسية رأسمالها 3.4
مليون دولار لتنفيذ مشروعا تكاليفه 950 مليون دولار.
والاتفاق يمنح الشركة المذكورة حق استغلال مساحة قدرها 4 آلاف فدان في هضبة
الأهرام، و1100 فدان في منطقة رأس الحكمة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
وهذا الامتياز سوف تتمع به الشركة
لمدة 99 سنة، تماما كذلك الامتياز الذي منحه الخديو إسماعيل للفرنسي ديليسبس
لاستغلال قناة السويس. (وامتيازات تانية وإن كان بسنين أقل أخدتها شركات ومستثمرين أوروبيين ويهود للسيطرة على كل ثروات ومؤسسات مصر بعد الاحتلال الإنجليزي 1882)
وفوجئ المصريون بالشركة قد شرعت بالتنفيذ دون العودة إلى أية جهة تشريعية
كمجلس الشعب، وذلك بأن أغلقت منطقة الأهرام لتقسيمها إلى مساحات صغيرة لبعض
الشركات والأفراد في الولايات المتحدة بقصد إقامة فيللات وفنادق وقرى سياحية
ومطارات خاصة وحمامات سباحة، وكأن الشركة كانت مجرد سمسار لتأجير المكان التاريخي
الحضاري 99 سنة لبعض المليونيريين الأمريكيين.
كما فوجئ المصريون بأن ممثل الشركة، وهو رجل يدعى بيتر مانك، مغامر عالمي أفلس سنة 1967، وعاد فاستأنف نشاطه من
زيلندا الجديدة إلى غينيا الجديدة مرورا بأهرامات الجزية التي تقاضى وزملاؤه من
المصريين للحصول عليها مبالغ طائلة.
وتبين أن الرشاوي قد امتدت حتى المستويات العليا في الحكم، خاصة وقد تأكد
أن "هضبة بولاق" هي الأخرى موضع اتفاق آخر، الأمر الذي سيتطلب إجلاؤها
من المواطنين البسطاء وبناء الفنادق والعمارات الفخمة للأثرياء وحدهم (زي ما حصل أيام عيلة محمد علي والإنجليز لما كان بيتفرغ أي مكان قريب من النيل أو مكان مميز من سكانه المصريين وتحويله لعمارات وقصور للمستوطنين الأجانب والأغنيا)، حينئذ وفور
نشر مقال الدكتورة نعمات فؤاد تحرك علماء الآثار وأساتذة الجامعات ورجال القانون
في موجة هادرة ضد المشروع حتى أن نقابة المحامين عقدت ندوة موسعة دخلت في نهايتها
طرفا في الدعوى التي أقامتها صاحبة المقال ضد الشركة والحكومة معا.
وواقعة ثانية أن في أحد ملاهي "كباريهات" شارع الهرم جرى احتفال
بتوقيع اتفاق بيع مؤسستي التلفزيون والسينما إلى المليونير السعودي صالح كامل صاحب شركة متعددة الجنسية.
راجل الأعمال الخليجي غويط الأسرار صالح كامل (مصدر الصورة: موقع البورصة نيوز) |
ونشر الكاتب أمير إسكندر في جريدة
"الثورة" العراقية 2 مايو 1978 فيما بعد أن وزارة الإعلام والثقافة وقعت
بتاريخ 3 فبراير 1977 اتفاقا مع صالح كامل ممثلا لمجموعة من المستثمرين السعوديين
والأجانب ينص على أن تقدم الوزارة ممتلكاتها إلى شركة جديدة تُنشأ بموجب هذا
الاتفاق في مقابل أن يقدم الممول السعودي وشركته المتعددة الجنسية مبلغا من المال
يساوي قيمة هذه الممتلكات العينية، وتصبح الشركة الجديدة هي المهيمنة على الانتاج
السينمائي والتلفزيوني في مصر.
وجرى توقيع الاتفاق وتشكيل لجنة وزارية لتقدير قيمة
الممتلكات العينية، وبدأ تنفيذ المشروع دون عرضه على مجلس الشعب أو أي هيئة
تشريعية أو قانونية أو نقابية.
فانتفض كتاب وفنانون ولجنة السينما في المجلس الأعلى للآداب والفنون وغرفة
صناعة السينما، وأرسلوا برقيات احتجاج إلى رئيس الجمهورية ووقع استجواب نيابي في
مجلس الشعب لوزير الثقافة بحضور كتاب وفنانين جرى فيه ما يلي.
دافع وزير الثقافة عن المشروع بحماس متهما الشيوعية الدولية بضرب
"استراتيجية مصر الثقافية" المنفتحة على رءوس الأموال العربية
والأجنبية، فانفعلت الفنانة نادية لطفي وقاطعته قائلة: "يا سيادة الوزير بعتمونا
(بعتونا) وانتهى الأمر، ما جدوى المناقشة؟".
الفنانة نادية لطفي (المصدر: موقع مصراوي) |
وصرخت زميلتها ماجدة: "شيوعية
دولية وغيردولية. أنا أدافع عن الرأسمالية الوطنية".
الفنانة ماجدة (المصدر: موقع المصري اليوم) |
ثم وقف الكاتب يوسف
إدريس: "بعد أن بعتم هضبة الأهرام وهضبة بولاق نرجوكم ألا تبيعوا هضبة المخ،
نحن نريد أن نحافظ على عقل مصر وفكرها وفنها بعيدا عن السيطرة والتحكم من الأجنبي".
الأديب يوسف إدريس (المصدر: موقع المصري اليوم) |
أما الوزير فاكتفى بتصفيق النواب الموافقين له باعتباره ممسئولا عن الإعلام
في الحزب الحاكم، ومضى بحماس يستكمل أركان الاتفاق.
فيما نشرت جريدة
"الأهالي"، تحت عنوان آثار وجدان المصريين: "نستحلفكم بالله ألا
تبيعوا مصر"، كشفت فيه سرا خطيرا هو أن نجل الوزير أحد المساهمين في المشروع
السعودي المتعدد الجنسيات بما قيمته ربع
مليون جنيه مصري، وهو شاب تخرج من الجامعة منذ عامين فقط، ولم يكن لذلك كله
من معنى إلا استشراء الرشوة في المستويات العليا للحكم باسم "السمسرة".
والثاني أن الاحتكارات الأجنبية
قررت تسلم قيادة التوجيه الثقافي الواسع داخل مصر، وعدم الاكتفاء بوكلاء مرتشين
ماديا أو مستوردين، بل شراء قوى الانتاج مباشرة وتصفية الرأسمالية الوطنية ذاتها
التي بدأها طلعت حرب وضمنها صناعة السينما برأس مال مصري خالص لم يرتبط قط
بالأجنبي.
غير أن العروق المصرية لم تكف عن الانتفاض حينها حتى فشل المشروعان، فبيع
التلفزيون ومؤسسة السينما توقفا لهروب صالح كامل من وجه الحملة التي شنت عليه رغم
الأموال التي دفعها رشاوى، والثاني لتراجع الحكومة تحت ضغط "الإجماع
الوطني" الساحق.
(انتهى النقل من كتاب "الثورة المضادة في مصر"
(انتهى النقل من كتاب "الثورة المضادة في مصر"
**************
قارن واربط بين خطة شفط التراث والمخ المصري في السبعينات، ورجعوها تتجدد
بداية من التسعينات تحت اسم "شركات الانتاج العربي"، وسيطرة فضائيات
عربية على التراث المصري من بعد سنة 2000، وتدمير قطاع الإنتاج في التلفزيون
المصري، وتسليم صناعة السينما والمسلسلات لطوفان من الأجانب الشوام والخليجيين
والمغاربة دخلوا مصر باسم ممثل ومطرب ومخرج وشركة إنتاج في شكل
"لوبيهات".
ودعوات رجال أعمال زي نجيب ساويرس لبيع القطاع العام عموما، وتفكيك جهاز الحكومة، وبيع وتصفية التلفزيون المصري، وحصر الإعلام والثقافة في إيد القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
ودعوات رجال أعمال زي نجيب ساويرس لبيع القطاع العام عموما، وتفكيك جهاز الحكومة، وبيع وتصفية التلفزيون المصري، وحصر الإعلام والثقافة في إيد القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
التلفزيون المصري من إنجازات ثورة 23 يوليو، وساهم في حفظ الريادة الثقافية المصرية، وحماية الروح المعنوية للمصريين في أوقات المحن والحروب |
واهتمام رجال أعمال من الخليج والشام بالجواز من فنانات ومذيعات مصريات،
ودور ده في تحويل تراث مصر الفني والإعلامي من خزاين التلفزيون المصري والسينما
لفضائيات عربية.
ورجوع السيطرة الأجنبية على مشاريع سياحية تحت بند الاستثمار الأجنبي
وتنشيط السياحة.
ورجوع اقتراحات بخصوص تأجير أماكن أثرية لشركات أجنبية أو خاصة تديرها،
بحجة إن الحكومة فاشلة في تسويق الآثار للسياحة العالمية.
هو الاحتلال.. راجع من جديد.. متعدد الجنسيات
إلا إذا... انتبه المصريين.
هو الاحتلال.. راجع من جديد.. متعدد الجنسيات
إلا إذا... انتبه المصريين.
بقلم: إفتكار البنداري السيد (نفرتاري أحمس)
0 التعليقات:
إرسال تعليق