بقلم: إفتكار السيد (نفرتاري أحمس)
أيام الاحتلال الإنجليزي- العلوي كان المحتلين بيحاولو ينفو الأصل المصري عن أي زعيم يطلع ويتلف حواليه الناس، ويقود نضال المصريين اللي كان شعاره وقتها "مصر للمصريين" و "الجلاء التام أو الموت الزؤام"، وده عشان يخلو الناس تبعد عنه، وكمان ما يبقاش له حق يتكلم باسمهم، ويجمعهم في ثورة ضد الاحتلال.
كمان كان قصدهم من إنهم ينكرو مصرية المشاهير المصريين وقتها، إنهم يقولو إنه مفيش مصري عنده موهبة أو ينفع يحكم مصر، فلازم مصر يفضل يحكمها الأجانب.
ودي عملوها مع مصطفى كامل ومع سعد زغلول.
▲ رد الفلاح مصطفى كامل
بالنسبة للي حصل مع مصطفى كامل، يقول تلميذه المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي في كتابه "مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية" إن واحد من اللي تبع الاحتلال بعت للرحالة الألماني شيونفرت الشهير رسالة قال فيها أن اللي بيطالبو بحقوق مصر، وفي أولهم مصطفى كامل، مش من صميم المصريين، وإن شيونفرت كتب مقالة ينشر فيها الكلام ده في جرنان "فوسيشه زيتنغ" الألماني يوم 30- 9- 1897، وإن أول ما شافها مصطفى كامل، رد عليها فورا بمقالة في يوم 5- 10- 1897 قال فيها:
"يا جناب المدير، اسمح لي أن أرد على ما كتبه مسيو "شيونفرت" في جريدتكم ونشرتموه في عدد 30 سبتمبر الجاري في شأن الوطنية المصرية، يدَّعي مسيو شيونفرت أن المصريين القائمين بالدعوة إلى الوطنية هم من أصل أجنبي، وليس لهم بالفلاحين أدنى علاقة، وقد تكرم حضرته بأن عدَّني من رجال الفئة المترفعة عن الأمة، البعيدة الأصل عنها، أي ممن لا يجري في عروقهم الدم المصري الحقيقي، وهي دعوة باطلة كل البطلان، لأن المصريين القائمين بالدعوة الوطنية، العاملين ضد الاحتلال الإنجليزي، الساعين في سبيل تحرير وطنهم مصريون من سلالة المصريين الحقيقيين، وأغلبهم أبناء الفلاحين، أما أنا فأفخر وأتشرف باني ابن ضابط شهم، آباؤه فلاحون مصريون، يظهر إذن جليا أننا لسنا من تلك الفئة الغريبة الأصل عن الفلاحين، ولسنا كذلك بظلمة الفلاحين في الماضي، لأنهم إما إخوتنا وإما آباؤنا".
وبيكمل مصطفى كامل ويقول: "وإني أختم كتابي للدكتور شيونفرت بأني أجله أعظم إجلال، غير أني منهدش جدا من أن رجلا مثله يقول عن الفلاح المصري إنه لا يعني بشئون بلاده، فإذا كان الدكتور شيونفرت يحكم علينا بأننا أجانب عن الفلاح لا ندرك ما بفؤاده، فكيف يستطيع هو أن يعرف هذا الفؤاد ويدرك ما به ويتكلم عن عدم عنايته بشئون الوطن؟ هذا وتفضل بقبول احترامي".
وبحسب الرافعي علق الجرنان على مقالة مصطفى كامل بأنه كتب "على هذا الكتاب طابع الحق والإخلاص، ونحن لا نشك في أن المسيو شيونفرت قد اقتنع بما فيه، ولذلك نرجو من قرائنا أن يمحوا ما علق بأذهانهم من كتابه، فإن هذا الرد صادر من صاحب الدار، وهو أدرى بما فيها، وعلى الأخص ما يخصه منها" (الرافعي، كتاب مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية، دار المعارف، القاهرة، 1984، الطبعة 5، ص 120- 121) ([1]).
ونلاحظ إن مصطفى كامل بيقول كلمة "الفلاحين" كتير وهو بتكلم عن أصله المصري، لأن كلمة الفلاح وقتها مكنش مقصود بيها بس اللي بيزرع ويقلع وساكن في القرية، لكن كل المصريين الحقيقيين، سوا في القرية أو المدينة، اللي بيزرع أو يشتغل أي شغلة تانية، متعلم أو مش متعلم، وكانت هي الكلمة اللي بتفرقهم عن الجاليات الأجنبية من يونان وطليان ويهود وشوام ومغاربة وبدو إلخ.
▲ رد الفلاح سعد زغلول
طيب وإيه عملو مع سعد زغلول؟
حصل كمان تشكيك في مصرية سعد زغلول، وأنا هنا هقرا اللي كتبته عن ده في كتاب "نكبة توطين الهكسوس.. ج 1":
"مع سعيها لشق صف الحركة الوطنية، سعت بريطانيا لتشويه صورة الزعيم، بل حتى التشكيك في مصريته، بإرجاع أصله إلى تونس أو المغول أو الترك أو العربان، المهم أن تقول إنه ليس فلاحا أصوله متجذرة في الأرض.
وينقل عباس العقاد الجدل الذي ثار حول الأمر في فصل عنوانه "أصل سعد" من كتابه سعد زغلول سيرة وتحية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2017، ص 37-43"، شرح أن من أسباب انتشار هذا الجدل أنه حتى ذلك التاريخ كان السائد في مصر أن أصحاب المناصب الكبرى يكونون من غير المصريين، أو من غير الأصول المصرية البعيدة، وأنه من باب الطعن في الأمة المصرية كلها، ولإبقاء أبنائها بعيدين عما يستحقون من مكانة شاع أن الفلاح لا يستطيع أن يكون من النوابغ أو أصحاب المناصب الكبرى، حتى انتشر مثل غريب يقول "الفلاح لو اتمدن يجر على أهله داهية"، فعندما وصل سعد زغلول لمناصب عليا كوزير للمعارف ونائب رئيس الجمعية التشريعية، بل ويتزعم الأمة، استكثروا عليه هذا، فطعنوا في نسبه لطينة مصر وللفلاحين".
ويضيف أنه سأل سعدا عن حقيقة نسبه، فضحك وقال له إن ما شاع عن أن له أصلا قديما من بلاد المغرب كان حيلة وضعها المحامي الذي دافع عن سعد خلال اعتقاله في بداية الاحتلال؛ إذ أنه كان معروفا أن الرعايا الأجانب لهم امتيازات تعجل بالإفراج عنهم، وكانت فرنسا بعد احتلالها لتونس أعلنت أن التوانسة في مصر من رعاياها، فكتب هذه النسبة الملفقة لي ليُعجل بأمر خروجي، ورغم ذلك خرجنا لسبب غير هذا، ولم أعلم بالأمر إلا بعد الإفراج عنا، فتلقف البعض هذه الخدعة ونسج حولها الأقاويل.
وفي رأي
العقاد، فإنه حتى في حال إن كان لسعد أصل أجنبي قديم فيكفيه أنه لا يعيره اهتماما،
ولا يتفاخر به، ويرى أن فخره وعزه أن يكون فلاحا ابن فلاح، خرج من وسط أصحاب الفاس
والجلاليب الزرقا([2]).. يقصد
المصريين الحقيقيين، فالفلاح كان مشهور وقتها بكلمة أبو جلابية زرقا.
والحكايات من النوع ده كتير، هنبقى ننشر منها في وقتها.
● الحرب على "المصريين الحقيقيين" في القرن 21
ونفس السلاح دلوقت بيتكرر ضد المصريين، بعد ما رجع جو الاحتلال والتكويش الأجنبي لبلدنا تاني على إيد الهكسوس القدام والجداد والاستثمار الأجنبي السداح مداح، وزي ما قلنا في حلقة "من تاني.. خطف صفة مصر الحقيقيين" على قناة "كيمة والخاسوت"، إنه ناس تبع عصابة حسن البنا، ومنهم واحد اسمه عز الدين دويدار، مخرج أفلام وصاحب "حركة إسناد" المتخصصة لدعم غزة، قاعد يحرض المصريين يعملو ثورة ضد حكومتهم عشان غزة، وتحت هاشتاج #المصريين_الحقيقيين بيقول إن اللي يرفض ده هما مش المصريين الحقيقيين، لكن لجان تبع المخابرات الحربية والإمارات وإسرائيل، وعددهم قليل في مصر، أما المصريين الحقيقيين فهو من اللي زيه، يعني من عينة عصابة الإخوان المسلمين وكل اللي عايز يرمي مصر في حروب ما تخلصش عشان بلاد غيرها.
![]() |
رابط التويتة على تويتر |
ومن أحلى التعليقات اللي ردت عليه، تعليق بيقول للمصريين ارفعو صوتكو برأي المصريين الحقيقيين اللي هو إحنا اللي ضد عصابة الإخوان وما تدوش فرصة لعصابة الإخوان تخطف هويتنا.
![]() |
رابط التويتة وبقية التعليقات |
كمان الظريف إنه بيشترك في خطف صفة "المصريين الحقيقيين" من أهلها، ناس من الهكسوس الجداد، أقصد سوريين أو غيرهم، من اللي دخلو مصر باسم لاجئين وأشقاء وعايزين يبلطو فيها ويغيرو هويتها لمصلحتهم، ولما مصري يقولهم ده مش من حقكو وارجعو بلادكو، يردو عليه بإنه "إنت ما تعبرش عن المصريين الحقيقيين، إنت مش مصري"!
وبرضو بيشترك في حملة خطف صفة "المصريين الحقيقيين" من أهلها الهكسوس القدام، أو الأجانب المستخبيين في الجنسية المصرية، يعني الناس اللي دخلت مصر أيام الاحتلالات مثلا وأيام الفوضى، وخدو الجنسية المصرية، لكن لسة عايشين بهويات أجنبية، وهما مصريين بورقة الجنسية بس، وشايفين النسب للبلد الأجنبي أو القبيلة اللي جم منها هو نسبهم الحقيقي وبيحطوه فوق مصر، وإن إخواتهم بحق هما اللي تبع البلد الأجنبي ده أو القبيلة مش المصريين.
وبنلاقيهم لما نتكلم خطر توطين الهكسوس الجداد، أو لما نتكلم عن إنه مصر لازم ترجع لهويتها الأصلية، عروقهم تتنفض وعينيهم تحمر، والنفس يضيق في صدرهم، ويقولو علينا إننا ما نمثلش المصريين الحقيقيين، وإن هما واللي زيهم المصريين الحقيقيين المعروفين بالكرم في قبول الهجرات وتوطينها حسب كلامهم، ويعتبرو إن كلمة الكمايتة شتيمة.
وفي الختام نقول، هي حملة علينا من كل الجهات، من الهكسوس القدام، والمأدلجين بتيارات أجنبية، ومن حكومات أجنبية، كلهم ممكن يختلفو مع بعض ويحاربو بعض، لكن يتفقو مع بعض ضد مصريتنا وهويتنا الحقيقية، لأن رجعونا لمصريتنا معناه نرجع نملك بلدنا بحق، لكن إحنا قدها وقدود، زي ما كان أجدادنا قدها وقدود.
ومصر للمصريين، المصريين الحقيقيين، اللي عقيدتهم مصر أولا وآخرا، مش المصريين بورقة الجنسية، لكن قلوبهم وعقولهم تبع تيارات ودول أجنبية.
وفوتكو بعافية
إفتكار السيد (نفرتاري أحمس) القاهرة 26-7-2025
المقالة مسموعة على قناة كيمة والخاسوت
[1])) الرافعي، كتاب مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية، دار المعارف، القاهرة، 1984، الطبعة 5، ص 120- 121
0 التعليقات:
إرسال تعليق