التاريخ الميلادي

الأربعاء، 3 سبتمبر 2025

الغزو.. إيه عملت الهجرات زمان في مصر؟ معلومات مختصرة

 بقلم إفتكار السيد (نفرتاري أحمس)

"ما تخافوش..مصر عمرها ما وقعت، وطول التاريخ بتستقبل هجرات وبتنفعها مش بتضرها"، الكلام ده حجة من الحجج اللي شايعة في الإعلام والأفلام والتمثيليات والأغاني والبرامج، بيترد بيها على كل حد يقلق من كترة الأجانب في البلد، ويرفع شعار عقيدة أجداده "مصر للمصريين".

فيا ترى الكلام ده إيه صحته؟

كنت اتكلمت بالتفصيل عن إيه عملت الهجرات في مصر طول تاريخها في 3 كتب، هي كتاب "نكبة توطين الهكسوس"، وكتاب "الاغتيال الكبير"، وكتاب "التمويل الأزرق"، وإيه اكتشفناه من دورها في رمي مصر للفوضى والاحتلالات، وإنها اتسببت كمان في إن الاحتلالات تطول، ومنها اللي يتمد مئات السنين، وفي تحويل المصري لإنسان مالوش أي حقوق في بلده اللي بقى يتمتع بكل خيرها الأجانب، وفي تضييع كتير من حضارة وهوية ولغة مصر، وفي نشر عقدة الخواجة، وفي حدف تيارات أجنبية على مصر دلوقت بتاكل فيها زي السرطان، زي تيارات الإخوان المسلمين، السلفية، العروبة، اليساروالشيوعية، الماسونية، الطرق الصوفية، الإرساليات التبشيرية المسيحية، العولمة، إلخ.

بس هنا في المقالة دي، وكرد سريع على أصحاب حجة إنه "ما تخافوش مصر عمرها ما تقع، وياما جتها هجرات وما ضرتهاش، بالعكس ده نفعتها"، بعيد كتابة مختصر بسيط لدور الأجانب في وقوع مصر في الفوضى والاحتلالات، في كذا محطة من تاريخها.

بعد الأسرة 6 في اللي بيتسمى في علم الآثار بـ"الدولة القديمة" لما اتفككت مركزية الدولة واتسرسب أجانب من الحدود وساعدو في نشر الفوضى والعنف، وبعد الأسرة 13 في اللي بيتسمى بـ"الدولة الوسطى" لما وقعنا في الاحتلال الهكسوسي المعروف، وفي اللي بيتسمى بـ"الدولة الحديثة" لما وقعت البلد في احتلالات جابها توطين أسرى حرب ولاجئين وغيره أيام الإمبراطورية المصرية.

والمختصر ده عبارة عن شهادات من كتب أساتذة في علم الآثار، مصريين وأجانب، درسو آثار وبرديات العصور دي كويس، واتكلمو في كتبهم برضو بالتفصيل عن دور الأجانب، جنب دور التفريط في قوة مركزية الدولة المصرية، في تسهيل دخول الأجانب لمصر، وتمكينهم لحد ما يحتلو البلد من جواها لو قدرو، أو يسلموها لاحتلال عسكري جاي من برة.

المختصر ده كنت حطيته في مقدمة كتاب "نكبة توطين الهكسوس" ج1، وأنا بشرح للناس ليه عملت الكتاب اللي بدأت شغل فيه من سنة 2013 واتنشر سنة 2019، وليه مخصصاه عن الهجرات لمصر، خصوصا بعد ما بقينا نحس بخطر الهجرات الجديدة من سنة 2013 على الأقل، فبقول في المقدمة:

أما من أين أبدأ، فإن حال مصر الآن هي من فرضت البداية، فمنذ 2011 ومصر في عملية تغيير لدمها وجلدها وروحها، طوفان من الأجناس يُقذفون على مصر باسم لاجئين وعمالة وتجار، ملايين دخلوا في وقت قصير، وفي وقت قصير أيضا سيطروا على مناطق واسعة من الأرض والاقتصاد والثقافة، وما أن استقروا حتى تدفقت ورائهم قوانين تسهيل تمليك وتجنيس وتوطين الأجانب! طوفان من أجناس متصارعة عرقيا وطائفيا وقبليا، تخربت بلادهم لحزبيتهم وطائفيتهم، فمن له مصلحة في أن يحدفهم بأسباب الخراب إلى مصر؟

إن قصة تسليم مصر للهكسوس من جديد بدأت 1974، بقوانين صنعت مراكز قوى أجنبية تحكم البلد باسم مستثمرين ومجنسين ومستشارين وبيوت الخبرة الأجنبية، ثم جاءوا اليوم طوفانا من البشر، بالملايين، باسم لاجئين ومستثمرين، لسانهم حلو ووعودهم براقة، بل ويفرضون لونهم وهويتهم وأسمائهم على كل شارع ومكان يسيطرون عليه، ويمحون كل ما يخص مصر، قدموا لمصر بأعداد لم تشهدها مصر للأجانب في تاريخها.

إن من يتابع رصد وتحاليل أساتذتنا في تحليل فترات سقوط وصعود مصر ليوقن كل اليقين أن ما تمر به مصر اليوم هو الطريق إلى النهاية، نهاية مصر بكاملها، فقد تجمع في سماء مصر وأرضها كافة أسباب احتلال مصر وسقوطها بل وإبادتها.

يشير الحكيم "إيبو ور" للمستوطنين الأجانب في برديته كأحد أسباب انتشار الفوضى في نهاية االأسرة 6 قبل سقوطها، فورد في كتاب "موسوعة مصر القديمة"، للدكتور سليم حسن، الجزء 17، عن "إيبو ور" وهو صاحب بردية حملت اسم "بردية إيبو ور" وأيضا اسم "بردية ليدن" نسبة إلى متحف ليدن الهولندي المحفوظة به الآن، وهو رجل يبدو من حديثه المتسم بالفجيعة أنه كان معاصرا للأحداث، يعني انهيار الدولة بعد الأسرة 6، وأنه كان ذا مقام رفيع، وبعد أن سرد صورا باكية لحال مصر وقتها، وجه اللوم الشديد للحاكم، محملا إياه نصيبا كبيرا من المسئولية، لأنه كان يرى الأمور تستفحل والأجانب يتزايدون في البلاد، ولا يحرك ساكنا.

وضمن ما جاء في البردية يقول "إيبو ور" للحاكم الذي لم يُعرف اسمه نتيجة تلف أجزاء من البردية:

  "انظر! لا صانع يعمل، والعدو يحرم البلاد حرفها([1])".

ويقصد هنا إنه المركزية بتاعة البلد ضعفت، فاتسرسب أجانب للبلد، واتعلمو الحرف والمهن بتاعتها، وحاولو يحتكروها، ومع الوقت ما بقاش المصريين متمتعين بشغلهم فيها زي الأول.

نرجع نقرا في مقدمة الكتاب:

وينقل الدكتور عبد العزيز صالح في كتابه "الشرق الأدنى القديم.. مصر والعراق" عن نفس البردية أنه بعد ما كثر المستوطنين، يقول "إيبو ور": "تخربت الأقاليم، وتوافدت قبائل قواسة غريبة إلى مصر، ومنذ أن وصلوا لم يستقر المصريون في أي مكان (...) وأصبح الأجانب مصريين في كل مكان... وأولئك الذين كانوا مصريين أصبحوا أغرابا وأهملوا جانبا([2])".

يقصد إنه بقى الأجانب يتصرفو كأنهم هما أصحاب البلد، وكأن المصريين هما اللي أجانب ومالهومش حقوق فيها، وكان ضمن الأجانب دول ناس من قبايل قواسة، يعني من المشهورين بإنهم بيحاربو المصريين على الحدود برمي الأقواس من بعيد.

واللي يقرا عن تاريخ الوقت ده، يعرف إنه البلد وصلت لكدة بعد ما الحكومة فرّضت في قوة مركزية الدولة، وسمحت لعائلات وناس زي اللي بنسميهم رجال الأعمال الحيتان دلوقت، إنهم يبقى ليهم نفوذ يوصل لنفوذ الحكومة، ويتحكمو في محافظات، فسابت الدنيا، واتهمل الجيش، ويمكن اتشغل اللي ماسكينه كمان في الخناقة على النفوذ، فاتهملت الحدود، وبقى سهل يتسرسب منها الأجانب.

بردية إيبو ور في متحف ليدن في هولندا

ونعرف بعد كدة إنه المصريين أخدو وقت طويل عشان يلملو البلد، ويقوموها من وقعتها، ويرجعوها لمركزيتها وقوتها، ويطردو الأجانب، ودخلو في معارك كتيرة قعدت عشرات السنين، ونجحو، خصوصا في أيام "منتوحتب التاني" في الأسرة 11 إنهم يرجعو مركزية الدولة لقوتها وأصلها ومجدها، وزاد ده في الأسرة 12 اللي بدأها أمنمحات الأول، وعملو دورة حضارية جديدة هايلة أنا بسميها "القومة التانية"، وبتتسمى في علم الآثار "الدولة الوسطى"، وكانت قوية قوي.

لكن القوة دي دامت؟

لأ.. ليه؟ بعد مئات السنين، رجع غرور القوة يركب دماغنا تاني، وافتكرنا إنه عشان إحنا أقوى دولة يبقى محدش هيقدر علينا، وأي أجنبي هيعيش في البلد هيكون خاضع لينا، خصوصا الأجانب في وقت قوتنا بيبقى لسانهم متغرق عسل ومدح لينا، وغفلنا، وسمحنا للأجانب يدخلو باسم أصدقاء وتجار ولاجئين واللي كان بيطلب شغل إلخ، فإيه اللي حصل؟

نرجع نقرا في مقدمة كتاب "نكبة توطين الهكسوس":

"يتتبع نيكولا جريمال (في كتابه تاريخ مصر القديمة) جذور الاحتلال الهكسوسي في نهاية "الدولة الوسطى" قبل سقوطها؛ فيرصد أن "تدفق العمالة الآسيوية وزيادتها بشكل ملحوظ في عهد أمنمحات الثالث على وجه التحديد هو بداية حركة هجرة متصلة وسلمية، ولكنها ثابتة ودؤوبة، أدت إلى استقرار بعض الشعوب على الحدود الشمالية الشرقية لمصر، جاءت بعد أن طردتها من مواطنها الأصلية الهجرات القادمة من الشرق، حتى إذا آن الأوان نزعت هذه الجماعات إلى الاتحاد لتحتل المناطق التي تطولها، وعادت الآليات التي كانت وراء سقوط الدولة القديمة إلى الظهور، وتتمثل في إضعاف الدولة وما ترتب عليه من انفراط عقد وحدة البلاد([3])".

رسم متاخد من نقش في مقبرة "خنوم حتب الثاني" في المنيا لدخول أجانب لمصر وقت تسلل الهكسوس ليها في الأسرة 12

 طيب، إحنا عارفين برضو إنه بعد كدة المصريين لما اتلسعو من الاحتلال الهكسوسي اللي لهف وجه بحري وسينا ووصل لحد بني سويف، بدأو يلمو نفسهم تاني، ويحاربو الهكسوس، وده أخذ زمن طويل، فمصر لما بتقع، بتاخد زمن طويل عبال ما بتقوم برضو، خصوصا لما الهكسوس يبقو متمكنين ومتحكمين، وطردناهم، وعشان ما يرجعوش تاني عملنا الإمبراطورية اللي حكمت الشام وجزء من السودان الحالي.

الصورة هي لأحمس وهو بيضرب هكسوسي، وهي نقش على بلطة أحمس في المتحف المصري

 لكن برضو رجع ركب دماغنا غرور القوة، وإنه إحنا عندنا أقوى جيش، وكل الشعوب اللي حوالينا خاضعة لينا، وإحنا اللي حققنا أكبر انتصارات، وإحنا محدش يقدر علينا، وسمحنا لأسرى الحروب إنهم يبلطو في البلد، وكمان يدخلو الجيش؛ لأنهم في الأًصل مقاتلين، وأي جيش إمبراطوري بيحتاج لأكبر عدد من المقاتلين فيه، وياخدو قصاد ده امتيازات في أراضي ومراكز.

كمان وسمحنا لناس من شعوب الإمبراطورية اللي بنحكمها يدخلو وياخدو فرصة في البلد بحجة إنهم بقو من رعايا الإمبراطورية، وفي حكام اتجوزو من أجنبيات اللي بيتسمى "الجواز الدبلوماسي"، وغفلنا، في الوقت اللي كان الأجانب دول بيتمكنو، ويتكتلو، ويناسبو العيلات صاحبة النفوذ والثروة، والكلام ده حصل على نار هادية، وأخد وقت طويل، فحصل إيه؟

نرجع نقرا في اللي كتبناه في مقدمة كتاب "نكبة توطين الهكسوس":

"ويرصد فرانسيس فيفر في كتابه (رمسيس الثالث الفرعون الأخير.. أو زوال حضارة عظيمة) أسباب سقوط الدولة الحديثة بعد الأسرة 20 في يد المستوطنين الأجانب فيقول: "شقية هي أرض مصر، كم تعرضت للأطماع طوال العقدين الماضيين! أطماع الوزراء، أطماع كبار الكهنة والنساخ، بل أطماع الأعيان الأجانب أيضا، لقد فتحت غزوات الفراعنة في القرون الأخيرة باب البلاط الملكي أمام هؤلاء الأجانب. في البداية كانوا سفراء لبلادهم، ثم أصبحوا مستشارين بارعين لدى الفراعنة، وأخذوا يؤسسون سلالات قوية من الأعيان تحيط بأصحاب العرش"([4]).

أيضا عن نفس الفترة، يقول الدكتور عبد العزيز صالح في كتابه "الشرق الأدنى القديم.. مصر والعراق": يقول إنه "على الرغم من هذا التساهل النسبي في توطين الأجانب يعتبر مكرمة للخلق المصري، إلا أنه جرَّ على مصر بعد ذلك شرورا كثيرة كانت في غنى عنها لو أنها استأصلت شأفة أعدائها من جذورها([5])"؛ لأن "الخطر كل الخطر كان يتمثل في ألا يخلو إخلاص هؤلاء النزلاء لها من شوائب، وأن يتمصروا بمظهرهم وليس في مخبرهم، وأن يظل بعضهم على استعداد للتنكر لها متى سنحت لهم فرصة أو ألمت بها نكبة، وما كان أكثر احتمالات النكبات عليها في ذلك الزمان([6])".

يعني يقصد الدكتور صالح، وهو ربنا يرحمه كان عميد كلية الآثار جامعة القاهرة، إنه كان أولى بالحكومة المصرية إنها ما تسمحش باستيطان الأجانب دول تحت أي حجة، سوا كانو أسرى حرب أو لاجئين أو تجار إلخ، لأن الضرر اللي حصل لمصر بعدين كان أكتر من الفوايد ألف مرة، خصوصا إن الناس دي عملو نفسهم، بالزور، وفي الظاهر، إنهم مصريين، لكن كانو محتفظين بقلوبهم الأجنبية جواهم، واشتغلو على استغلال أي فرصة عشان يكتفو البلد ويحتلوها من جواها، وفعلا أحفاد الناس دي بعد عشرات السنين من زمن رمسيس التالت قدرو يوصلو لحكم مصر، وبعدين اتسببو في إنها تسقط في احتلالات جاية من برة ما فقناش منها غير سنة 1952.

نقش لرمسيس التالت وهو بيضرب الغزاة، وكان انتصر في حروب شديدة ضد غزوات قبايل شعوب البحر لمصر، لكنه أخده غرور القوة ةرضي بتوطين أسرى حرب منهم وناس استسلمت وهو متوهم هيفضلو خاضعين لينا

 وبكمل في مقدمة كتاب "نكبة توطين الهكسوس" عن سبب عمل الكتاب، وإنه رجعنا نتلسع في عصرنا ده بالهجرات من جديد، وإزاي اكتشفنا كمان بعد 2011 إنه كتير من اللي ماسكين المراكز والمناصب في البلد هما من الهكسوس القدام، وبقول:

منذ 2011 كأنهم في سباق محموم، لتفريغ مصر مما بقي من مصريتها، ومن حقوق أولادها فيها، ومن التعريف الحقيقي لكلمة مصري، نشطت الكتابات عن أصول المصريين، ومن أصحاب الحق في مصر أساسا.

وادعت؛ يعني هذه الكتابات، أن لكل الأجناس "حق" في مصر- عدا المصريين الحقيقيين أنفسهم- تزاحمت الأعمال الأدبية والفنية لتحقير كل ما هو مصري أصلي (فلاح)، وبتمجيد كل ما هو أجنبي ودخيل، وصل اليوم المجنسون ومزدوجو الجنسية بسرعة البرق إلى أعلى المناصب في مصر (قادة الثقافة والفكر ومنصب المحافظ على سبيل المثال)، تشجيع المصريين على الهجرة وخفض المواليد مقابل تشجيع الأجانب على القدوم لمصر وتجنيسهم، تحميل الفلاحين مسئولية كافة المصائب والنكبات التي تعرضت لها مصر وتبرئة الأجانب والمحتلين، وعلو الصوت أكثر وأكثر بأن مصر حين يحكمها أجنبي أفضل من مصر حين يحكمها المصري الفلاح، يا ترى ما هو سبب هذه الحمى؟

ولذا كانت البداية بهذا الكتاب... رصد مأخوذ من كتب أساتذتنا، ومن كتب وشهادات المؤرخين القدامى والمعاصرين لكل فترة حرية أو احتلال، لأسباب صعود أو سقوط مصر، وكيف كان حال مصر حقا وهي حرة، وكيف كان حالها تحت الاحتلال، وكيف كان حال مصر حقا وهي مصرية خالصة، وكيف حال مصر وهي "لخبطيطة" مشوهة من ثقافة "كل الأجناس".

وعلى هذا يبدأ الكتاب بما رآه الأجداد أنها الأصول والملامح الحقيقية لمصر، وعقيدتها (ماعت)، بل وسبب خلق مصر من الأساس، ووظيفتها في هذه الحياة، وشروط تحقيق هذه الوظيفة، وعهدها مع الإله، والعقاب المنتظر لأولادها حين تخلو عن هذا العهد، ثم أسباب احتلالها، ودور الهجرات الأجنبية في جلب الاحتلالات، ونتائج كل فترة احتلال واستيطان أجنبي تعرضت لها مصر، وملامح الاحتلال الاستيطاني الجديد الذي وضعه قدمه الأولى بالفعل في مصر مؤخرا، وهو مقسم إلى جزئين:

الجزء الأول: مصر وأحوالها مع الهكسوس منذ الأزل وحتى 1952.

الجزء الثاني: مصر وأحوالها مع الهكسوس من بعد 1952.

علَّها وعسى تكون صرخة تنضم لصرخات من سبقونا، توقظنا، قبل أن تُباد مصر إلى الأبد.

وحتى لا يأتي يوم نقول ما ردده جدنا "إيبو ور" بعد فوات الآوان عاضا أصابع الندم وهو يرى مصر في نهاية الأسرة 6 تسقط أمام عينيه، والدم يملأ كل مكان، بسبب من فرضوا في مركزية وسيادة الدولة، وعلى يد الأجانب الذين استوطنوا في مصر وقت غفلتها، وقال في برديته:

"ليتني رفعت صوتي في ذلك الوقت حتى كنت أنقذ نفسي من الألم الذي أنا فيه الآن، فالويل لي، لأن البؤس عمَّ في هذا الزمان"([7]).

وقبل القراءة... لا تتفاجئ

هذا الكتاب:

لا يجامل أحدا، لا يجامل أي جنسية أجنبية، لا يجامل أي أصحاب دين، لا يبرر لأي مذهب يتخذه أصحابه وسيلة للسيطرة وسرقة أوطان غيرهم، لا يتحسب لأي لوم إلا إذا كان يختص بدقة المعلومات، لا يبرر لأي عصر أو شخص داس على رقبة الفلاح ليخفي صوت مصر الحقيقي يوما ما.

هذا الكتاب:

لا يصف أي أجنبي حكم مصر إلا بأنه "احتلال" و"اغتصاب" لمصر، أيا كانت لغته أو دينه أو عرقه، فالهكسوسي احتلال، والكوشي والآشوري احتلال، والفارسي احتلال، واليوناني والروماني احتلال، والعربي احتلال، والعبيدي (الفاطمي) والأيوبي والمملوكي والعثمانلي احتلال، والفرنسي والإنجليزي والإسرائيلي احتلال، سوا كان دين هؤلاء غير معروف أو إسلامي أو مسيحي أو يهودي، فكل من هو أجنبي وقدم لمصر ليأخذ حكمها أو مناصبها وثروتها وهويتها ويتكبر على الفلاح وداس عليه، وأصر على أن يحتفظ بأصله الأجنبي ويتفاخر به هو احتلال خبيث.

انتهت القراية من مقدمة الكتاب. 

وأضيف هنا إنه كمان حكم عيلة محمد علي، اللي سمته جوة الكتاب "الاحتلال العلوي" إنه كمان هو احتلال.

كمان تنظيم الإخوان الدولي اللي حكم مصر في 2012 هو احتلال، لأنه حتى لو اللي فيه معاهم الجنسية المصرية، لكن اتنازلو عن مصريتهم لما بقى فكرهم إنه الوطن حفنة من تراب عفن، والحدود تراب مالهاش لازمة، وانضمو لتنظيم دولي بيتحكم فيه الأجانب، ومصر فيه عبارة عن ولاية تبع الدولة الإمبراطورية أو الخلافة اللي عايزين يعملوها.

غلاف كتاب "نكبة توطين الهكسوس" (تحميل)

 فياريت نراجع تاريخنا، ونقرا كتب أساتذتنا سوا اللي قلتها هنا في المقالة، أو اللي موجودة في آخر الكتاب في السرد بتاع المراجع، وهما أكتر من 250 مرجع، ونشوف إيه فعلا عملت الهجرات في مصر، وإيه ناوية تعمل فينا تاني.

وفوتكو بألف عافية

ومصر للمصريين، المصريين الحقيقيين، مش اللي مصريين بورقة الجنسية، لكن قلوبهم وعقولهم تبع بلاد وتنظيمات أجنبية.

 

المقالة مسموعة في فيديو على قناة كيمة والخاسوت


 

 

مواضيع ليها صلة
 

ماذا قال المؤرخ كلوت بك عن دور توطين الأجانب في تدمير حضارة مصر واحتلالها؟

 وثيقة العهد الكيمتية.. الوصية الحارسة لمصر من الفوضى والاحتلالات

([1])- موسوعة مصر القديمة، سليم حسن، الجزء 17، الهيئة العامة للكتاب، مشروع مكتبة الأسرة، 2000، ص 297

([2])- الشرق الأدنى القديم (الجزء الأول مصر والعراق)، د. عبد العزيز صالح، مكتبة الأنجلو، ط2 منقحة، القاهرة، 1973، ص 360

([3])- انظر: تاريخ مصر القديمة، نيكولا جريمال، ترجمة ماهر جويجاتي، دار الفكر لدراسات والنشر والتوزيع،  ط2، القاهرة، ص 237

([4])- الفرعون الأخير رمسيس الثالث: أو زوال حضارة عريقة، فرانسيس فيفر، ترجمة فاطمة البهلول، دار الحصاد، ص 11

([5])- الشرق الأدنى القديم (الجزء الأول مصر والعراق)، مرجع سابق، ص 238

([6])- نفس المرجع، ص 240

([7])- الحكم والأمثال والنصائح عند المصريين القدماء، محرم كمال، الألف كتاب الثاني، ط  2، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ص11

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جدول محتوى المقال
    Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

     
    Legacy Version